# # # #
   
 
 
[ 17.11.2011 ]
خارجيتنا قدَّها رباعي ـ أمير بابكر عبدالله




أشعر بارتكابي خطأ فادح والرغبة في الاعتذار لما كتبته في مقالة سابقة قبل أسابيع عن سفارة السودان في واشنطن ، انتقدتها فيها لتدخلها في شأن لا يعنيها، وإصدارها لبيان يخاطباً دافع الضرائب الأمريكي مناصراً دولة ملاوي التي استضافات الرئيس البشير، رغم عضويتها في المحكمة الجنائية الدولية، ويسب الرأي الأمريكي الرسمي ومنظماته التي أدانت تلك الدولة الأفريقية لفعلتها المنكرة حسب تقديرهم. وأن البيان رأى أن للحركة الشعبية القدرة في التأثير على صانع القرار الأمريكي لإدانة دولة أخرى غير السودان.

مصدر ذلك الشعور وتلك الرغبة ليس لمراجعتي لموقفي من ذلك البيان وما كتبته بشأنه، بل لتحميل إحدى السفارات التابعة لوزارة الخارجية أكثر مما تحتمل، ورؤيتي لها كجزيرة معزولة عن مجمل مواقف خارجيتنا التي تتبع لها تلك السفارة. ولنأخذ موقفين اثنين من مواقف الوزارة الأم فربما يدعمني القارئ ويجد ما يبرر رغبتي تلك.

فبالرغم من التصريحات التي جاءت على لسان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة ونفيه أن يكون الطيران العسكري السوداني قد شن غارات على مخيمات لاجئين، واعتبر أن تلك الإدانات اعتمدت على معلومات غير صحيحة يكذبها الواقع الميداني والحقائق على الأرض، جاء الناطق الرسمي للخارجية بقول يهدم كل الذي بنى عليه الجيش حيثياته، ففي تصريحات صحفية نفي السفير العبيد مروح مزاعم قصف الطيران السوداني لمعسكرات لاجئين في دولة جنوب السودان. ونشرت الصحف قوله بإنه لا توجد في حقيقة الأمر أي معسكرات لجوء لسودانيين في دولة جنوب السودان وإنها (لا تعدو كونها تجمعات او معسكرات للمتمردين).

طالما هنالك حرب من الطبيعي أن يكون هناك نازحون داخلياً ولاجئون إذا ما تخطوا حدود دولة أخرى، مثلما حدث سابقاً في كينيا ويوغندا وغيرها من البلدان، ومثلما حدث الآن في أثيوبيا في المناطق المجاورة للنيل الأزرق. إلا إذا اعتبر ناطق الخارجية الرسمي أن الجنوب ليست دولة بعد يمكن أن يعتبر فيها نازحون سودانيون لاجئين.

فالناطق باسم الجيش لم ينف وجود مخيمات لاجئين، بل نفى أمر القصف جملة وتفصيلا، فيما جعل الناطق باسم الخارجية "الفأر يلعب في عب المجتمع الدولي ومنظماته الدولية وكلها عينها على السودان"، باعتبار تلك المخيمات "تجمعات ومعسكرات للمتمردين" ما يبرر إحتمال قصفها، رغم محاولته معالجة المسألة ب"عدم رغبة الحكومة في مطاردة المتمردين داخل حدود الجنوب إذا ما عبروها".

ثاني المواقف هو التبريرات التي ساقها وزير الخارجية نفسه –كما ورد في تصريحاته للصحف- من قرار السودان المساند للموقف العربي تجاه سوريا، ومحاولاته التخفيف عن وقع موقف طبيعي بأقوال مثل "إن موقف السودان كان واضح في عدم التدخل الخارجي في الشأن السوري، وإصراره كدولة وحيدة بالا يتخذ القرار مناحي أخرى تفتح الباب للتدخل الأجنبي"، وكيف هو التدخل الخارجي إذاَ في شأن سوريا الداخلي؟ فالنظام القمعي يقتل ويحصد أرواح أبنائه بلا رأفة وقواته مختلفة المسميات تعيث في الأرض قتلاً وفساداً، ولكنه يظل شأن داخلي، مثلما يحدث عندنا في السودان من حروب وقتل ودمار هو شأن داخلي نرفض أن يتدخل فيه أحد، لكن رغم ذلك تدخل المجتمع الدولي في دارفور وفي أبيي وقبلها في النيل الأزرق وجنوب كردفان في إطار اتفاق نيفاشا.

ثم يعرب وزير الخارجية عن أمله في عدم تأثير موقف السودان داخل مجلس الجامعة بمساندة قرار تعليق عضوية سوريا في قطع العلاقات الثنائية بين البلدين. "وماذا يحدث إن قطعت العلاقات الثنائية بين البلدين؟" أم أن للامر وجوه أخرى؟

ألا تستدعي تلك القراءة ان أشعر بالخطأ والرغبة في الاعتذار لمجرد بيان "لا بيودي ولا بجيب"!!



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by