# # # #
   
 
 
[ 13.11.2011 ]
البحث عن حكومة ضائعة ـ أمير بابكر عبدالله




إنقضى الشهر الرابع منذ إعلان جمهورية جنوب السودان، ووقوع الإنفصال عملياً، ولا زال المؤتمر الوطني يبحث عن حكومة "جمهوريته الثانية" وسط ركام الفشل السياسي والاقتصادي الذي لازم "جمهوريته الأولى. فبعد طغى وتجبر لأكثر من عقد ونصف، وأضطر مجبراً في الربع الأخير من "الأولى" وبموجب اتفاقية السلام الشامل لإفساح المجال للحركة الشعبية مشاركته في ما سمي "حكومة الوحدة الوطنية"، إذا به الآن يستجدي "حكومة عريضة" ولكنه يصر على أن تكون على مقاسه.

المؤتمر الوطني الذي اختلت حساباته بخروج الحركة الشعبية ووقوع الإنفصال عملياً، كان يتوقع أن تطغى شراهة السلطة والرغبة فيها على أحزاب المعارضة فيقبل قادتها ليؤدوا فروض الطاعة لها وهم صاغرون. وأكثر من ذلك كان يتوقع أن يرغم الحركة الشعبية قطاع الشمال على المشاركة بصيغة أقرب من تلك التي أضطر على قبولها في نيفاشا. لكن (كوار) قادة المؤتمر الوطني الذي ظنوه حساباً فاجأهم بأن "واحد زائد واحد" لا يساوي اثنين، بل يمكن ان يساوي ثلاثة ويمكن أن يساوي صفراً كبيراً. وها هم يكتشفون أن (كوراهم) قادهم للصفر الكبير.

الأحزاب التي ظلوا يصفونها بالضعف ويصمونها بالعجز وعدم القدرة على العمل الجماهيري وتحريك الشارع، أثبتت فاعليتها وقدرتها هذه المرة برفضها لعروض المؤتمر الوطني المشاركة في سلطة تفتقد والدها الشرعي وهو الشعب. أول مرة تتوحد فيها القوى المعارضة على رأي ورؤية كانت نتيجتها عجز وشلل تام في غرفة عمليات الحزب الحاكم، عندما قالت لا للمشاركة على مقاس المؤتمر الوطني واجتمعت على كلمة رجل واحد.

قرار عدم المشاركة والقبول بصيغته التي عرضها المؤتمر الوطني يعني أن أمامه طريقين، أحدهما يفضي إلى المضي في سياسات الفشل السياسي والاقتصادي واستمرار الحروب في مناطق السودان المختلفة، وهو طريق مجرب ووصفته لا تحتاج إلى طبيب شاطر ولا حتى إلى "فكي يدو لاحقة". إنه طريق يقود لمزيد من الإحتقان والحروب ويؤدي إلى مزيد من التشطير وتمزيق ما تبقى من الوطن. 

أما الآخر فوصفته معروفة ويتوقف الأمر على قدرته على تحمل مرارتها وهو يبتلعها، وهو طريق خيار الشعب الذي يرغب أولاً في إنهاء الحروب الدائرة في أطراف السودان المختلفة، التي ما قادت إلا إلى الدمار وإلى إنهاك قواه وقدرات الوطن، ويرغب ثانياً في فترة "إنجمامة وراحة" بعد طول عناء وعقدين من معاناة ما كانت لتخطر على باله، وذلك بتكوين حكومة انتقالية لفترة معلومة كتبت وكتب غيري عن مواصفاتها ومهامها، من الجمعية التأسيسية وحتى الدستور الدائم الذي يعبر عن واقع السودان الحقيقي لا عن السودان الذي يرغب فيه البعض.

لن يجدي استجداء السيد الميرغني ولا التوسل إلى السيد الصادق قبول "الحكومة العريضة" في حل مأزق الوطن، إنما المجدي هو الاعتراف بالفشل الذي صاحب النظام السياسي والأداء الاقتصادي صراحة، والكف عن محاولات الإلتفاف على الواقع. 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by