# # # #
   
 
 
[ 05.10.2011 ]
علماء السلطان ـ أمير بابكر عبدالله




تذكرت صديقي اليمني علي ناصر جابر عندما سمعت من شنرات الفضائيات عن الغارات الجوية التي يشنها الجيش اليمني على محافظة أبين جنوبي اليمن. لا ادرى لماذا تذكرته بعد أكثر من عشرين سنة منذ افترقنا، لكنه هكذا قفز إلى ذاكرتي فجأة وكأنه يحتج، كما عادته دائماً، على الذي يجري هناك. هل قتل أثناء تلك الغارات، وأنا لم أسمع عنه طوال تلك الفترة؟

علي ناصر جابر، وأنا أصر على الإسم الثلاثي تمييزاً له عن رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) السابق على ناصر محمد، شخص لا يرضيه شيء ولا يرضى عن شيء، دائم الاحتجاج. لا يقتنع بشيء ولا بأحد سوى قائده عبد الفتاح اسماعيل منظر الحزب الاشتراكي اليمني ذلك الزمان، قبل تلك الأحداث الدامية التي اودت بحياته في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي ولا أحد يدري حتى الآن كيف قتل.

كان صديقي دائماً ما يردد مقاطع من نص لعبد الفتاح اسماعيل "نجمة تقود البحر":

وأضحى الخيار خيارا ينبت بأغوار نفسي رائحة من لهيب معطرة بالدماء بالعرق وأمضي..
وأمضي بحد الصراط.
صراطي سيف وسنة رمح.
وحولي تحيط بي النار ذات اليمين وذات الشمال فتصهر جسمي،
لينمو جسما كصلب الحديد.
وتشعل أحشاء روحي،
فتكسب فكري وضوحاً وعمقا.
ويصبح هذا الخيار أكثر ثباتا وكيما يسود القرار..
وأي قرار وكان القرار،
قرار المطارق..
قرار المناجل
والبحر في المد والجزر أنشودة الدمار لأجل البناء.
قرار تفترشه الصعاب لكنه بلسم لجراح الشقاء يملأ الطريق شوكاً يدمي الضلوع..
لكنه يزرع الحب والورد للكادحين.
ومن عاصفات الرياح غربا يوجج جمر التضحيات الدماء.
ويصبح مغزلة يحيل الظلام ضياء معلناً سطوع النهار.

هذا العلي يردد ذلك وهو في قمة نشوته، فإن لم يقتله سيف طائرات النظام الحاكم في اليمن الآن، فلا بد ان يموت بغيره كمداً وهو يستمع إلى تلك الفتوى العجيبة التي أصدرها علماء الدين في اليمن مناصرة للرئيس علي عبدالله صالح.

الغريب في الأمر أن إمام الجامع الذي أؤدي فيه فريضة الجمعة كل أسبوع "يتبع لأنصار السنة" ردد نفس ما جاء في البيان اليمني، عندما أصر على ترديد قوله " إن الخروج على الحكام محرم شرعاً، وإن من واجبنا طاعة ولي الأمر ولو كان فاجراً"، أنا لا يقتلني مثل هذا القول، لكنني قررت أن لا أصلي خلف هذا الإمام بعد الآن.

لكن صديقي جابر جلده ليس "تخين" مثلي، ولا يحتمل مثل هذا القول بطبيعته الحامية، وأكيد إن كان لا يزال حياً ولم تصبه شظية من قذائف الطائرات الحكومية لاستنكر بشدة حديث هؤلاء فيما أسموه (نحو رؤية شرعية واضحة). ولعل أكثر ما سيزعجه، وهو الثائر دائماً، ما جاء في البند السابع من بيان علماء السلطان " المظاهرات والاعتصامات الحالية في الطرقات العامة والأحياء السكنية وما يحدث فيها محرمة شرعا وقانونا لما يترتب عليها من مفاسد كسفك الدماء والتعدي على الأمن وقطع للطرقات وإقلاق للسكينة العامة ولما تحمل من شعارات مخالفة للشرع."

يا صديقي إنهم علماء السلطان، موجودون في كل مكان فلا تحسب انهم هناك فقط في صنعاء يدبجون الفتاوى، فهم منذ الأزل يفعلون ذلك (باسم اليهودية والمسيحية والإسلام وحتى اهل الوثنية)، وتأكد إن جئت للحكم يوماً باسم الاشتراكية التي تعشقها وتكره نظرياتها المعقدة ستجدهم بجوارك يفتون في حرمة معاداة الإشتراكية "ألا تذكر أستاذنا المشرف الذي كنا نطلق عليه اسم "حارس الشيوعية"؟ إنه أيضاً منهم.



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by