# # # #
   
 
 
[ 17.09.2011 ]
تخوين وتخويف ـ أمير بابكر عبدالله




حملت بعض الصحف في اليومين الماضيين تصريحات لقادة في المؤتمر الوطني تعتبر فيه أن موقف المعارضة (الداعي لإيقاف الحرب) خيانة للقوات المسلحة. وهي محاولات لا تنم عن تفكير مستقيم ويشتم منها محاولات التخويف بإقحام الموقف السياسي للقوى المعارضة الداعية لإيقاف الحرب وتحريض القوات المسلحة ضدها بوصفها بالخيانة.

هناك حقائق يحاول قادة المؤتمر الوطني كحزب سياسي تجاهلها، أو تمريرها كانما هي ثوابت لا يمكن نقاشها او تداولها. الحقيقة الأولى أن الحرب لا تنطلق هكذا خبط عشواء، وبالتالي لا يمكن الإحتماء خلف القوات المسلحة لتمرير سياسات خاطئة هي ما قادت للحرب، إلا إذا اعتبر المؤتمر الوطني ان القوات المسلحة جزء لا يتجزأ من تركيبته التنظيمية كحزب وهذا ما يتنافى مع واقع إفتراضها مؤسسة قومية لها مهام محددة.

الحقيقة الثانية هي ليس الموضوع من بادر بإطلاق الرصاصة الأولى ليشعل شرارة الحرب، لكن هناك مقدمات كثيرة قادت إلى الوضع الحالي لا علاقة للقوات المسلحة بها، بل هي من صميم عمل السياسيين وتكشف مدى قدرتهم على إتخاذ القرارات التي تؤدي لعدم تدهور الأوضاع او لتفاقمها. فالواقع يقول إن تلك المقدمات ساهمت فيها القيادة السياسية ورؤيتها وتقديراتها للحلول، فالحرب يثيرها السياسيون ويحاولون تحميل القوات المسلحة وزرها. 

المتعارف عليه أن القوات المسلحة كمؤسسة لا تتخذ قرار الحرب منفردة، وقواتها المتمركزة في أي موقع يمكن أن ترد على أي هجوم يشن على مواقعها، وحتى في هذه يمكن أن تتخذ القيادة السياسية قراراً بضبط النفس وعدم تطورها. فالذي يتخذ القرار بشن الحرب هو من يتخذ القرار بوقفها، ويمكن للقوات المسلحة ان تكون شريكة في اتخاذ القرار بطبيعة مهامها، وهي بطبيعتها جزء من أي نظام سياسي.

إن الحكومة تتحمل المسؤولية لأنها من يدير أمر البلاد، شئنا ام أبينا، وبالتالي هي من يتولى إدارة الأزمات وتضع لها الحلول التي لا تقود إلى تفاقمها طالما هي أزمات متعلقة بقضايا الوطن الداخلية. يختلف الأمر إن شنت علينا دولة أجنبية حرباً او هددت امننا بما يستدعي إعلان الحرب، وهو أيضاً قرار تتخذه القيادة السياسية وليس العسكرية، فهذا أمر يتعرض للسيادة ويتطلب موقفاً مختلفاً.

والمؤتمر الوطني يتحمل المسؤولية لأنه الحزب الحاكم، شئنا أم أبينا، وبالتالي هو من يضع ويرسم السياسات للحكومة. فإذا قادت سياساته وخططه وبرامجه إلى الوضع المتأزم الحالي فعليه ان يتحمل المسؤولية بدلاً من الهروب إلى الأمام والإحتماء خلف القوات المسلحة ومحاولاته دق أسفين بينها والقوى المعارضة. فالقوى المعارضة لا تتدخل في عمل القوات المسلحة ولا تحدد طاولة العمليات ولا محاور الهجوم ولا طرق الإنسحاب وتكتيكاته، ولا قالت للقوات المسلحة إن هجومها من الناحية الشرقية خطأ بل كان يجب عليها أن تهاجم من الناحية الغربية، لكنها تعارض أو تتفق مع سياسات الحزب الحاكم ومناهجه وطريقة تعامله مع الأزمات. 

المعارضة لها وجهة نظرها في ما قاد لإندلاع العمليات العسكرية وما سينتج عن الحرب من دمار ودماء بين أبناء الوطن ومكوناته. وهي عندما دعت لإيقاف الحرب لم تدع لأن تقف القوات المسلحة مكتوفة الأيدي وتنتظر هجمات الجيش الشعبي لكنها دعت الجهات السياسية من الطرفين المعنية بقرار إشعال الحرب إلى وقفها والعمل على إعادة السلام بالعمل على وضع ترتيبات سياسية وامنية في مناطق النزاع تطفئ فتيل الحرب، وإشراك كافة المكونات السياسية في إيجاد حل دائم لمشاكل السودان، ومن ثم التطلع إلى المستقبل.



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by