# # # #
   
 
 
[ 19.06.2011 ]
الألفا .. محنة السودانيين ـ أمير بابكر عبدالله




لا يظنن أحد أن هذا المقال له علاقة بإشارات (ألفا) أو (سيقما) او (دلتا) اللاسلكية المتعارف عليها عالمياً في مجالات البث والإشارات، بل المعني هو تلك اللفظة التي نطلقها على ذلك الطالب أو التلميذ الذي يختاره مشرف الفصل بمراقبة ومتابعة شئون الطلاب أثناء غياب المدرسين بين الحصتين وليضبط حركة الحضور والغياب وغيرها من المهام الداخلية التي يناط به متابعتها.

لشدة ما يعاني السودانيون من هذا الموروث منذ عهد التلمذة، الذي يظل متعلق بكافة تصرفاتهم المستقبلية في ظاهرة فريدة من نوعها، ملقياً بظلاله على سلوكهم الفردي وفعلهم الاجتماعي. سيطر الألفا الخارجي على الألفا الذاتي ولم يترك له مساحة للنمو والتطور متحولاً إلى رقيب على السلوك والتصرفات التي صارت بدورها متوقعة.

أن (يهرجل) التلاميذ في الفصل أو يجلسون في انضباط يعتمد على مدى حزم الألفا وقوته الجسمانية ومدى التزامه بتنفيذ واجباته، بتحضير ورقة بيضاء ليكتب عليها أسماء التلاميذ المشاغبين أو الغائبين. ودونك ـ عزيزي القارئ ـ الشارع العام وحركة المرور. تجد السائق يقود بمزاجه الشخصي سواء كانت سيارة عامة أو خاصة، وما أن يرى شرطي المرور (الألفا) أو يتوقع (كمين) مروري حتى يستقيم على الجادة، فيعدل أولاً من جلسته خلق المقود ويكتسي وجهه بخطوط منقبضة ومنبسطة حسب الحالة ثم يربط حزام الأمان أو يلقيه على كتفه، فحزام الأمان يكلفه مبلغاً لا تستحقه الشرطة. وما أن يتجاوز مرحلة الخطر حتى يرمي بالحزام خلف ظهره ويعود وجهه إلى حالته الطبيعية. ودونك شرطي المرور نفسه، الذي يكون أكثر نشاطاً وانفعالاً عندما يكون بصحبته ألفا أكبر رتبة.

يمكن تطبيق واختبار هذه الفرضية بعينات مختلفة من مواقع عمل عديدة سواء في الخدمة المدنية أو النظامية، مما يجعلها ظاهرة تستحق الدراسة للوقوف على عقدة "الألفا" ومحنة السودانيين. لذلك لم أستغرب كثيراً أن تنسحب هذه الظاهرة بعناصرها على مؤسساتنا السياسية، فقد "اكد مساعد الرئيس نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع، ان موقف الحكومة بعدم سحب القوات المسلحة من منطقة أبيي لاقى تفهماً في اجتماع القمة بأديس أبابا رغم محاولات التشويش من جهات، لم يسمها، مشدداً على عدم انسحاب الجيش الا بقدوم القوات الاثيوبية."

القوات الإثيوبية في هذه الحالة هي (الألفا) الذي سيتم تكليفه بضبط إيقاع الحياة في منطقة أبيي ومراقبة تحركات القوات العسكرية في الشمال والجنوب، ولن يضللنا تصريح نافع بأن موقف الحكومة بعدم سحب القوات المسلحة من منطقة أبيي لاقى تفهماً في اجتماع أديس أبابا، فالموضوع هو سحب القوات المسلحة من المنطقة وتمت الموافقة على ذلك لكن لابد من وجود (ألفا) حتى يطمئن الدكتور نافع.

الحكومة عودتنا على تصرفات وسلوك سياسي نتيجته الحتمية هي التدخل الأجنبي (الألفا الخارجي)، وكأنها عقدة الدونية هي التي تتحكم فيها، حيث لا ترعى الله في وطنها وشعبها إلا بوجود ألفا (ولازم) يكون من بلاد (برة). متى نتعلم الثقة في أنفسنا ونتجه لحل قضايانا ومشاكلنا التي نصنعها بانفسنا بقدراتنا الذاتية. إن هذا يتطلب شروع كل المؤسسات البحثية في دراسة هذه الظاهرة وأنا سأضع واحدة من الفرضيات التي يجب إختبارها وهي إن مناهجنا وادواتنا التعليمية تقلل من الثقة (الألفا الذاتي) في النفس وتعزز دور الأجنبي (الألفا الخارجي).



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by