# # # #
   
 
 
[ 30.05.2011 ]
تيار المستقلين وتحديات مابعد الفترة الانتقالية مساهمة بمناسبة المؤتمرالعام الثالث ـ منتصر ابراهيم




montaser_maril@hotmail.com

مااصطلح عليه بالمستقلين فى الجامعات السودانية على مدى ثلاثة عقود مثل محاولة لرسم طريق ثالت فى الحياة السياسية بعد أن تجازبته فى منتصف السبعينات قطبية اليمين واليسار وقد كان هذا الاستقطاب فى اشده بمختلف اشكال الممارسة السياسية والتى شهدت تبلور مشروع اليسارالماركسى والعروبى القومى واليمين الاسلامى والطائفى التقليدي باعلام فى السياسة والفكرفى ذلك الوقت وكانت هذه القطبية قد ضيقت خيارات التعاطى مع الشأن السودانى فاختار من هم فى قطيعة مع المشروعين رسم خيار ثالث عرف منذ ذلك الوقت بمؤتمر الطلاب المستقلين والذ ى لم تكن القوى الطائفية الكبيرة ضمن خيارتهم  بما انها لم تكن جاذبة عطفا على التقليدية التى اتصفت بها ولم يكونو وسطا بالطبع.

استطاع المستقلين أن يكسرو هذه الثنائية وقد مثلت دفعة واثراء فى الحياة السياسية فى الجامعات السودانية وجامعات المهاجر(انظر محمد احمد شاموق الحياة السياسية فى جامعة الخرطوم ،اظنه الكتاب الوحيد الذى أرخ لهذه الفترة) فاز المستقلين برئاسة مجالس عدد من الاتحادات خصوصا مع اشتداد الموقف من نظام مايو وبلغ مداه مع مصالحة الصادق ونميرى بما عرفت بالمصالحة الوطنية فى 77. ففى ذلك الوقت كان اليمين واليسار جزء من لعبة السلطة فقد استفاد المستقلين من هذه الظروف وان لم يستطيعو بلورة خطاب سياسي وموقف يرتبط بالسلطة الا انه يشهد لهم فاعلية فى اوساط القوى الطلابية فى الجامعات حتى الاطاحة بنظام مايو بالثورة المجيدة فى ابريل ولو أن الممارسة السياسية فى السودان تسير على اساس المعرفة لكان للمستقلين شأن منذ ذلك الوقت وخصوصا عند كل ذكرى لثورة ابريل ولعل من عبر التاريخ الخجولة أن كانت الذكرى 26 لابريل ان يكون  المستقلين وحدهم بعد 34 سنة يتقاسمون الهراوت والرصاص لتفريقهم من ميدان الشعبية ببحرى فى ليلة (الاربعاء 6 ابريل 2011) ويمنعهم الامن الوطنى من اقامة ندوة احياءا لهذه الذكرى  ولم تشهد مخافر الأمن والبوليس معتقلين لهذا السبب غير المستقلين تلك الليلة.

و كأنما التاريخ لايريد ان يطوي صفحاته وظل يرمز باحداث ذات دلالة بليغة وهو التحدى الذى يجابه المستقلين فى الجامعات اليوم بأن الدائرة التقليدية فى السياسة السودانية رهنا بالنفاذ اكثر بادوار يجب ان يؤدوه ،فقد شهد تيار المستقلين تطورا بعد ثورة ابريل باحتضان رجل القضاة النزيه عبد المجيد امام لهذا التيار بتنظيمه في  حزب المؤتمر الوطنى الذى تأسس فى 86 وواصل مسيرته حتى قبل انقلاب الجبهة الاسلامية فى 89 وكان قبله قد طرح برنامج الانقاذ الوطنى قبل الاجهازعلى الديمقراطية الثالثة محذرا فيه من ان الاوضاع قد تنفلت فى البلاد او تقع فى انقلاب عسكرى جديد اشد بطشا ودكتاتورية من نظام مايو الا ان المحظور قد وقع وتم الاستيلاء على السلطة الشرعية باسم ثورة الانقاذ الوطنى واسم الحزب الذى تم السطو عليه ايضا وآل الى المؤتمر الوطنى الحاكم اليوم وقد استمر الحزب يعمل باسم المؤتمر الوطنى المعارض حتى بداية عام 2005.                                                          
يزمع مؤتمر الطلاب المستقلين خلال شهر يونيو القادم اقامة مؤتمرهم العام الثالث وهم يواجهون تحديات ماثلة بعد انفصال جنوب السودان والبلاد قد دخلت فى عهد جديد لايعلم الا الله مستقره فهل سيطرح المستقلين برنامج للانقاذ الوطنى فى يونيو وقد تزامنت الرمزية فى الشهر الذى شهد اكبر مؤامرة على الحياة السودانية مع انعقاد مؤتمرهم العام ولعلها مناسبة للفت الانظار الى المدى الذى أثًر فيه المستقلين واثرى الحياة السياسية وتقديم تقييم شامل لهذه التجربة بما انها الوحيدة التى حازت السبق فى  محاولة طرح تعريف لطبيعة الصراع فى السودان وتفسيره والتأسيس لمنظور جديد باطروحة جدلية المركز والهامش الذى اعتمده من خلاصة احد مفكري عضويته بجامعة الخرطوم طبيب الاسنان والروائى ابكر ادم اسماعيل والذى تمثلت فيه محاولة تشخيصية لصراع المركز والهامش مما يعد تطورا فى مسيرة المستقلين بالاضافة لمحاولات رسم اطار مفاهيمى للاستقلالية بوصفها موقف فلسفى يقوم على التفكير والعمل من موقف الحرية و نقدى يتسق وتاريخ المستقلين من الصراع فى السودان ولن ينسى المستقلين احد ابرز الاعلام مثل احمد ضو البيت خريج جامعة امدرمان الاهلية المفقود منذ مايقارب الخمسة اعوام والذى نشط خلال العشرة اعوام الماضية باطروحات تميزت بها خطابات المستقلين فى الجامعات.

الا أن المستقلين اليوم وهم يتحركون فى فضاء الصعود الى اسفل بفعل انحطاط الممارسة السياسية فى الجامعات مع غيرهم من الطلاب التى عملت فيهم  سياسة الشمولية على تشويه الحياة الجامعية وهدرهم بالعنف وخلافه، قد يواجهون تحديات تتمثل فى كيفية النهوض بادوارهم الى مراقى منتجة وبناءة تعيد للحياة الجامعية ألقها بفاعلية لطالما كانت الفئات الطلابية هى الفاعلة فى مقارعة الشمولية واكثر التصاقا بقضايا الشارع والجماهير، وقد جاء توقيت المؤتمر العام والعالم من حولنا يشهد تحولات كبرى بافكار تشبه حراك المستقلين فى اكثر من جانب اولها القوى الشبابية والمستقلة وقد تمثل قيمة مضافة حافزة للمستقلين للعب ادوارهم الريادية والدفع بخيارت طالما عجزت الممارسة السياسية عن الوصول الى مستوى يحقق الاستقرار فى السودان. وليس امام المستقلين خيار الاستسلام بل الاقدام نحو تطوير فكر المستقلين وطرح خيارت بناء الدولة السودانية والحفاظ عليه من التمزق اكثر بعد الانفصال والسبيل الى التعايش مع الدولة الشقيقة الجنوبية وكيفية توظيف طروحات ونظريات التحليل الثقافى فى رسم مستقبل السودان والتى توضح بشكل كبير أن السودان وطن لاقليات متعددة ولاسبيل لسيطرة اقلية على الآخرين حتى لا تتوزع الانتماءات البسيطة خصما على الانتماء الكبير للوطن وهو ما يمثل عنوانا لقضايا الراهن وتمثل محكات عملية تمس جوهر النظرى والفكرى لخطاب المستقلين السياسى. فقد شهدت الفترة الماضية تطبيق عملى لكل ما ظل يحزر منه مؤتمرالطلاب المستقلين من ان البلاد ستنزلق الى  التمزق بفعل التقسيمات الجهوية فى ظل الاحادية التى تميزت بها عهد حكومة المؤتمر الوطنى والتى تمثل اقصى تجليات هيمنة المركز الاسلامو عروبى على السودان والتقييم الموضوعي لهذا العهد يصل بنا الى هذا اليقين ،اذ وصلت فيها نضالات الهامش الى اقصى تجلياته ايضا بانفصال الجنوب ولازالت مطالب الهامش قابضة على ذناد البندقية في جهات السودان محزرة بالوصول الى ما آلت اليه الاوضاع بالانفصال الذي لن يقف عن حدود البوابة الجنوبية فكل بؤر الصراع الدائرة الآن تتحرك من نقطة تأسيس وضعية السودان التاريخية وازماته المتوارثة فاختلالات موازين التنمية مقرونة وظيفيا مع الهيمنة الثقافية وتعبير الدولة بلسان الاحادية الثقافية والصراع على السلطة ما هو الا مظهر مكمل لحقيقة الصراع فى السودان فعدم احترام التعدد الثقافى والاعتراف به هى التعبير عن صراعات السودان حتى وان انحسرت المساحات من مليون ميل مربع الى الشريط النيلى دعك عن (المثلث العجيب) (فالدغمسة) ملازمة لبنية الدولة السودانية لطالما كان تكوينها تاريخيا يرجع لكيانات منفصلة ممالك ومشيخات لا يجمع بينها سوى التنافس والهيمنة ولكن الواجب الآن أن نحدث قطيعة مع ذلك التاريخ فى سبيل بناءالدولة الوطنية وهو ما بح به صوت المستقلين بالدعوة لمعايير واسس جديدة يحافظ علي هذا النسيج المتعدد والذى يمثل عنصر قوة ومنعة ولكن المحك دائما في القادة الذين يجب ان يرتقو الى مستوى ادارة وحكم دولة متحضرة بدلا عن الحكم بعقلية ما قبل التكوين وهى عقلية المكوك والمشائخ ،والا لن يكون هو السودان لذلك كلنا أمل أن يكون سعي المستقلين مدفوعا بخيارت ثورية لتغيير هذا الواقع موفقا باذن الله ومحفوفا بابداع الجديد ومساهة جديدة ترسي دعائم الوحدة الوطنية وتحقيق التحول الديمقراطى وتقديم نموزج لوطن يسع الجميع فكلنا للوطن والوطن للجميع. 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by