# # # #
   
 
 
[ 14.05.2011 ]
في السيرة السياسية (3) ـ أمير بابكر عبدالله




أعلنت "قوات التحالف السودانية"، القوات الميدانية للتحالف، عن أول عملياتها العسكرية في أبريل 1996 وأطلقت عليها إسم "عملية الشهيدة التاية أبو عاقلة"، وهو نهج درجت عليه في كل عملياتها المستقبلية أن تسمي عملياتها باحد شهداء الحرية والديمقراطية. وهي عملية شاركت فيها مجموعة قليلة من المقاتلين، ما يعرف بالجماعة بلغة التنظيم العسكري النظامي. منذ ذلك التاريخ وحتى منتصف العام 1997، تمدد التحالف ميدانياً لتغطي قواته الشريط الشرقي للحدود السودانية من كسرة عقيق المطلة على مرسي عقيق في البحر الأحمر شمال منطقة قرورة وحتى منطقة مينزا في النيل الأزرق، منفتحة على خمس قطاعات، ثلاث في الجبهة الشمالية وقطاعين في الجبهة الجنوبية.

هذا العمل الضخم صحبه إعداد سياسي جيد، سهل كثيراً من مهمة تلك القوات والتحامها مع الجماهير في تلك المناطق. إستهدف ذلك الإعداد المقاتل نفسه وتهيئته نفسياً وسياسياً للمرحلة المقبلة، كما استهدف التشكيلات المقاتلة كهيئات منظمة لتؤدي دورها بطريقة غير تقليدية (وهذا ما سنبينه لاحقاً)، واستهدف في المقام الأول تهيئة جماهير المناطق الحدودية لتلعب دورها في الانتفاضة الشعبية المسلحة إذ لم يباغتها الأمر عندما انتشرت تلك القوات، بل تفاعل معها من تفاعل وأصبح جزء منها وتعامل معها البعض بعدائية منطلقاً من موقفه (سياسياً او نفسياً).

القرار الجريء لبعض قادة التحالف من العسكريين بمغادرة محطة "القيادة الشرعية" بمرجعيتها التقليدية وآلياتها التي لا تستوعب متطلبات مواجهة النظام، والإنخراط في عمل سياسي عسكري غير تقليدي الفضل في النقلة النوعية وتحول الجبهة الشرقية إلى منطقة نشاط فاعل سياسياً وعسكرياً لفت إليه انظار الجماهير والعالم. ما ساعد أكثر في قبول فكرة "الانتفاضة الشعبية المسلحة"، وخلق أملاً متعاظماً وسط قطاعات عريضة في مواجهة جادة مع النظام، هو السياسة القمعية التي إنتهجها منذ إنقلابه تجاه كل آليات العمل السياسي المدني، وسده المنافذ أمام أي محاولات للتغيير.

العمل الميداني، باعتباره رأس الرمح في تلك المرحلة، إرتكز على قاعدتين أساسيتين: الأولى هي التعبئة السياسية التي تبدأ بالاتصال المباشر وغير المباشر مع المواطنين للإنخراط في صفوف "قوات التحالف السودانية". وكانت مرتكزة على خطاب تعبوي عقلاني، مستهدفة رفع درجة الإعتزاز والفخر بالوطن وأن لا سبيل غير والحرية والديمقراطية ليسع الجميع. ولم تحمل دعوتها وعود شخصية براقة ولا مقابل مالي كثر أو قل. ولا تنتهي التعبئة بالتثقيف السياسي والنشاطات الفنية والرياضية، بل وضعت منهجاً صارماً لمحو الأمية الأبجدية (أصبح كثيرون يقرأون الصحف والكتب التي تقع بين أيديهم، وهم يحسون بالاعتزاز، وصاروا من القيادات الميدانية ويسهمون في برامج التعبئة السياسية.

القاعدة الثانية هي البناء العسكري الذي اشتمل على برامج التدريب وإعادة التاهيل والإنفتاح والعمليات وغيرها. واشتمل التدريب على كل فنون القتال. وارتكز البناء العسكري على تراتبية ميدانية عمادها القدرات والكفاءة، حيث اختفت الشارات العسكرية والرتب في قاموس العمل الميداني، فلم يكن هناك عميد ولا نقيب ولا عريف، بل مقاتلون من أجل الحرية. ولم تكن البندقية التي يستخدمونها صماء، بل تعلم أهدافها مثلما تعلم أنها وسيلة مرحلية تستهدف مع آليات متعددة إستعادة الحريات والنظام الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة.

 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by