# # # #
   
 
 
[ 09.05.2011 ]
في السيرة السياسية (1) ـ أمير بابكر عبدالله




التجربة التي خاضها حزب التحالف الوطني السوداني منذ نشأته، هي فريدة بكل المقاييس. تجربة فيها من الإخفاقات التي تسم كل الأحزاب السياسية حديثها وقديمها، كثيرها لأسباب موضوعية لا يد للتحالف فيها وأخرى ذاتية غالب فيها الحقيقة فغلبته، ومليئة بإشراقات ميزته وحده ودفعته كحزب جديدة للوقوف على قدميه بصلابة عند كل منعطف ويعاود الوقوف عند كل كبوة.

فرادة هذه التجربة جاءت على لسان أشخاص لا يمكن وصف شهادتهم بالمجروحة، بل من موقع الحياد أو الإنصاف حتى ممن يمكن تصنيفهم بالضد. هذه الشهادات بالتاكيد لم تكن مجاملة بل تنبض بالحقيقة في قراءتها للمواقف والمبادرات التي أطلقها التحالف عبر مسيرته القصيرة نسبياً، ومدى صموده وهو يخرج من الفخاخ التي نصبت له ليثبت مقولة "ما لا يقتلك يقويك".

الخطوة الذكية الأولى أنه دخل العمل المسلح بمفهوم "الانتفاضة الشعبية المسلحة"، في تجربة أخذت ملامحها تنضج ميدانياً دون الغرق في غمار الكتب والتجارب الثورية نظرياً. تأسست تلك الخطوة على أرضية فكرية وسياسية ساهم في بلورتها مؤسسو التحالف بمختلف تجاربهم السياسية ومشاربهم الفكرية، التي التقت في النهاية لتستهدف بناء الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة كخلاصة لتلاقيهم، الشعار الذي إهتدى به التحالف وهو يبدأ معركته ضد الفكر الشمولي ومصادرة حقوق الإنسان، ومن أجل استعادة الحريات والحكم الديمقراطي في ظل تلك الدولة، وهو الشعار الذي تبنته كثير من القوى والأحزاب السياسية فيما بعد، شيء يدعو للفخر أن يتبنى البعض الشعارات التي تطرحها فهذا يعني أنها فاعلة. (حتى الأخوان المسلمون اليوم يتحدثون عن الدولة المدنية الديمقراطية، شيء عجيب).

هذا الشعار في إطار آليات تنفيذه وعلى رأسها الانتفاضة الشعبية المسلحة (حينها)، صاحبه أداء ثلاثي الاتجاهات كان أبرزها العمل الميداني. فقد ساهمت في التأسيس لهذا العمل واستمراره عضوية التحالف في مدن السودان المختلفة وكان نشاطها محكوم بالسرية نسبة للقبضة الأمنية التي فرضها النظام الحاكم ومواجهته بالقمع والتنكيل للعمل المعارض، كما ساهمت فيه عضوية التحالف بالخارج عبر مكاتبها المنتشرة في الخليج وأوربا وأمريكا ومصر وبعض الدول الأفريقية، إضافة للتشكيل الميداني المقاتل.

لم يكن التشكيل الميداني تقليدياً، بل نشأ على ضوء الفكرة الأساسية للتحالف. هذا جعل منه تشكيلاً فاعلاً وقادراً على تحمل مسؤولياته تنظيمياً، وجعل من منسوبيه يستشعرون عظم المهمة لأنهم جزء منهان فلم يكونوا مجرد آلات في ترس، بل مشاركين في إتخاذ كافة القرارات السياسية والتنظيمية. لم يتأتى ذلك بسهولة، ولكن من خلال عمل دءوب شارك فيه الجميع، لتبدأ المعركة الأولى داخلياً بتنظيم كثير من الفعاليات ووضع مناهج (ليست جامدة) قابلة للتطوير، بدءاً من مدرسة محو الأمية الأبجدية التي استفاد منها كثيرون لم تتوفر لهم الفرصة للتعليم النظامي، وحتى مدارس التعبئة السياسية التي انتظمت كل التشكيلات المقاتلة وساهمت في رفع نسبة الوعي بدرجة كبيرة. ذلك ساهم في سهولة إنتقال الحزب ومقاتليه من خانة العمل العسكري والانتقال إلى سوح العمل السياسي.

ولآن مشروع التحالف كان يستهدف الإنسان اولاً من أجل تحقيق رفاهيته، فقد نجح في التعامل مع عضويته على كافة الصعد بدرجة عالية من الشفافية، مما رفع مستوى المشاركة الجماعية في اتخاذ كافة القرارات. خلق ذلك طاقة ديناميكية ساهمت في الحفاظ على قلب الحزب في ظل العواصف الكثيرة التي اجتاحت مساحاته، والحرب الضروس التي تعرض لها. هل سينجح في الاستمرار؟ هذا سؤال سنتناول الإجابة عليه من خلال مسيرته.



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by