# # # #
   
 
 
[ 02.05.2011 ]
بين آبي وأبيي ـ أمير بابكر عبدالله




إحتفلت العاصمة البريطانية ومعها كل أرجاء وشوارع المملكة المتحدة، بل والعالم، بالزواج الملكي الذي جمع الأمير وليام وكاثرين. تمت مراسم الزفاف في كنيسة ويستمنستر آبي، وحضره عدد مشهود من الشخصيات. الاحتفال الذي نقلته الفضائيات كان ينبض بالحياة والحب والأمل، ينم عن إستقرار وراحة وهدوء هذا غير التنظيم الدقيق والدقة البالغة. لكن أهم الملاحظات هي المحافظة على التقاليد الملكية، ومدى الارتباط العاطفي للمواطن هناك بالأسرة المالكة.

تنقلت بين القنوات الفضائية لأقف عندة محطة بي بي سي، ليلفتني الشريط الناقل للأخبار بأن المراسم ستجري في كنيسة وستمنيستر آبي. فطرق ذهني بعنف موضوع أبيي، وشعرت ببعض الانفعال مستعرضاً مسيرة الإمبراطورية التي كانت لا تغرب عنها الشمس، وملكيتها المستدامة. في الوقت الذي خلفت فيه الكثير من بؤر الصراع في مستعمراتها، بعد ان استنزفت خيراتها. كل تلك الخيرات ذهبت إلى خزينة المملكة وينعم بها إبناء واحفاد الملوك هناك، في الوقت الذي يعاني منه مواطنو تلك المناطق من الفقر والتخلف والحروب.

أبيي واحدة من بؤر الصراع في السودان، حاضراً ومستقبلاً، ويمكن أن تقود إلى حرب إستنزاف موارد ضخمة إذا لم تتم معالجة قضيتها بعقلية أكثر رغبة في السلام. في الوقت الذي نعمت فيه آبي بسلام ووئام وتوفيق بين رأسين في الحلال. سيقول لك أحدهم وهل هذا الزواج حلال؟ إنهم نصارى. تلك العقلية لا تقود إلى سلام ووئام، فهي لا تعي ماهية القضية لكثرة الضباب الذي يعمي بصيرتها، ولا تستوعب التاريخ لأن ذاكرتها تبدأ من تحت أقدامها وبصرها لا يتجاوز تلك الذاكرة ليرى أبعد وأعمق.

العقلية التي أديرت بها قضية أبيي من كل الأطراف متورطة في شراك المستعمر ولا تريد الفكاك منها، فإذا كان المستعمر إستنزف خيرات مستعمراته في سبيل تحقيق رفاهية مواطنيه ومملكته، فإن الطرفين شمالاً وجنوباً يفكرون بذات الطريقة. الخرطوم وجوبا يفكران في خيرات أبيي مثلما فكرت ملكة انجلترا وحوكوماتها في الأمر، فلن تستفيد أرض أبيي ولا إنسانها من تلك الخيرات بل ما يخطط له هو أن تذهب عائداتها إلى خزينة الدولة لتستقوى بها كل على الأخرى، وليحافظ كلا النظامين في الخرطوم وجوبا على وجوده بالصرف على اجهزته الأمنية من تلك العائدات، ويصرف قادته على زيجات أبنائهم وبناتهم كما تفعل الأسرة المالكة لا على دينكا نقوك ولا المسيرية. ودونكم نصيب المنطقة من بترولها الذي جاء في إتفاقية السلام الشامل الذي لا يتجاوز نصيب المنطقة فيه ال2%.

إذا كان أهل آبي زينوا كنيستهم وحولوها إلى تحفة فنية ونشروا في مساحاتها الفرح والحب والسلام، فإن أرض أبيي يمكن ان تتحول إلى مصدر للسلام والحب إذا ما خرجنا من شراك التفكير الاستعماري، وحولناها إلى منطقة سلام نموذجية بعيداً عن الاستقطاب السياسي، ويمكن أن تكون قلباً يضخ الدم المؤكسد في شرايين الدولتين. فآبي تنعم بالسلام والرخاء وعلى من يريدون إشعال الحرب في أبيي ان يفكروا بمنطق ويبعدوا عنها شرها عن المنطقة والبلد.



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by