# # # #
   
 
 
[ 25.07.2010 ]
الرمح الوحدوي.. المقاتل جوزيف فيلمون ـ سيرة غير ذاتية بقلم :عبد العزيز خالد عثمان *


سيرة غير ذاتية بقلم :عبد العزيز خالد عثمان *

في منتصف العام 1996 إتصل بي مكتب قوات التحالف السودانية بمدينة تسني الارترية، وأبلغني أن ضابطاً إسمه "جوزيف" وصل من السودان، وذكر أنه دفعتك في الكلية الحربية. عندها تحركت فوراً صوب تسني فوصلت عصر نفس اليوم حيث وجدت في إنتظاري "جوزيف فيلمون ماجوك" بقامته الفارعة، ووجهه الصبوح. كان مرتدياً جلابية بيضاء متسخة، تحول لونها إلى لون اقرب إلى البني، وينتعل سفنجة، كاشف الرأس، حيث بدا شعره مغزواً بالشيب بفعل الزمن والهموم. دخلنا في عناق طويل، ثم حكى لي قصة خروجه من السودان، وتسلله عبر مدينة كسلا، راجلاً إلى تسني معلناً إنضمامه إلى الثورة التحالفية ليصبح من أهم قيادات قوات التحالف السودانية مقاتلاً في صفوفها.

أول مرة رأيت فيها جوزيف، كانت في بدايات العام 1964 في مجمع المرحوم اللواء طلعت فريد الرياضي بالخرطوم، حيث كان يلعب ضمن فريق مدرسته الثانوية لكرة السلة، في إحدى المباريات النهائية.  يومها لفت جوزيف نظر الجميع بمهارته، وهو يقفز كالغزال يسحر الكرة والمشاهدين.

المرة الثانية التي رأيت فيها جوزيف كانت قبل ثورة اكتوبر 1964 في اجتماع حاشد لطلبة المدارس الثانوية ممثلين للجبهة الديمقراطية. كان النقاش يدور عن كيفية التنسيق للمساهمة في الثورة، وجذب جوزيف الحضور حين اتيحت له الفرصة للحديث ناطقاً بانجليزية رصينة مبشراً بالنصر.. متفائلاً .. واثقاً من مستقبل مشرق لوطن متحضر.

المرة الثالثة التي قابلت فيها جوزيف كانت أثناء فترة المعاينات للإلتحاق بالكلية الحربية السودانية، والتي كان موقعها آنذاك بجوار السلاح الطبي بامدرمان. قدم جوزيف للكلية الحربية من جامعة الخرطوم حيث كان يدرس في كلية الآداب التي قبل بها في يوليو عام 1965. كان جوزيف طالباً متميزاً اثناء دراسته الثانوية – وجامعة الخرطوم في ذلك الوقت تحتدم فيها المنافسة وتقبل عدداً محدوداً. خلاصة القول أن جوزيف تميز أكاديمياً ورياضياً وناشطاً في مجالات الثقافة والرياضة والسياسة خلال دراسته في المرحلة الثانوية.

التنوع عند المقاتل من أجل الحرية - جوزيف فيلمون - يجري في دمه كنهر النيل الأبيض القادم من الجنوب الى الشمال. فوالده "فيلمون ماجوك" الذي خدم في مصلحة السجون، ووصل رتبة الصول "مساعد" ايام الحكم الإستعماري - كان زعيماً سلطانياً وسط قبيلته دينكا يرول، وفي الستينات اختير عضواً في مجلس السيادة.

وقد رايت الزعيم فيلمون ماجوك عدة مرات حينما كنا طلبة في الكلية الحربية الدفعة 19 حيث كنا نزور جوزيف أيام الجمع اثناء عودتنا إلى الكلية الحربية في المنزل الحكومي المخصص لاسرته. كان الزعيم فيلمون ماجوك يستقبلنا نحن ضيوف إبنه، مرحباً بنا، ويتبادل معنا حديثاً ودياً ويشرف على ضيافتنا، وكثيراً ما سمعنا منه "جوزيف وين ضيافتك لأصحابك؟" وحينما نظل وقوفاً إحتراماً لسيادته كان يطلب منا الجلوس قائلاً "إنتو ما في الكلية الحربية – إنتو في بيتكم". كانت تدهشني القطية الكبيرة، وامامها كرنكاً واسعاً في حديقة البيت الحكومي بشارع الجمهورية، وهي مليئة بالضيوف والأهل من جنوب السودان، والصواني المليئة بالأكل الذي يكفي الجميع.

رغم أن جوزيف ينتمي الى قبيلة الدينكا، الا أن الدم النويري يجري فيه أيضاً، فهو خلطة فريدة جمعت خصائص القبيلتين. فالقبائل الرعوية التي تقطع مسافات طويلة مكشوفة تتحلى عادة بالذكاء الفطري، والكبرياء والصدق مع النفس.

وولادته من فخذ سلطان القبيلة، ميزه بسلوك كبار القوم، الذين يترفعون عن الصغائر. لذلك كان كبير التحالف، فكان المقاتلون في الميدان ينادونه باسم "عم يوسف"، وقد طغى هذا الاسم الكودي على اسمه الحقيقي. وليست هي المرة الأولى التي يختار لنفسه إسم يوسف، ففي ثمانينيات القرن الماضي حكى صديقه وإبن دفعته عبد المتعال إبراهيم أنه كان في زيارة للسعودية فذهب إلى شركة (دلة) التي كان يعمل فيها جوزيف، وسأل عنه الإستقبال فرد الموظف: الشركة لا توظف المسيحيين. وفجأة ظهر جوزيف لكن بالإسم الجديد يوسف.

خلال الفترة التدريبية في الكلية الحربية يناير 1966- نوفمبر 1967 اكتسب جوزيف صداقة واحترام الجميع سواء معلميه - ضباطا وضباط صف او السنائر في الدفعة 18 او زملاءه في الدفعة 19. بعد التخرج حافظ جوزيف على علاقاته، وصداقاته، بصورة فريدة حتى وفاته. وأشير إلى أن جوزيف دخل الكلية الحربية عن رغبة كاملة، حتى أنه لم يخطر أسرته، إنه سيترك الجامعة خوفاً من إعتراض بعضهم، وغاب عنهم أربعين يوماً هي فترة التدريب الأولى. كان أهله يظنون أنه في  الداخلية، وفجأة ظهر لهم بزي الطالب الحربي.

عمل جوزيف في معظم وحدات الجيش، متنقلا بين القيادات، وإن تركزت مهامه على التدريب، فعمل معلماً في الكلية الحربية، ومركز التدريب، والقيادة الشرقية، وحرس الحدود. ولكنه لم يستمر في العمل العسكري فترة طويلة، وتركها برتبة النقيب بتاريخ 11 يونيو 1975م بعد أن قضى ثلاث سنوات فقط في هذه الرتبة التي يعتبرها معظم ضباط الجيش أحلى الرتب في أجمل العمر.

في الحياة المدنية عمل ضابطاً للأمن في فابريقة النيل الأبيض بواو، بين الأعوام 1978 – 1983م وترقى إلى أن أصبح مديراً للمصنع مقيماً بواو. وتم إنهاء الشركة بعد إعلان قوانين سبتمبر 1983م التي أعلنها الرئيس السابق جعفر نميري وذلك بعد أن تم إكتمال بنية المصنع وإستيراد المكنات والمولدات والمعدات المطلوبة. وحين عين وزيراً للطرق في حكومة اقليم بحر الغزال أثناء الحكومة الإنتقالية 1985م – 1986م.

شهد حزيناً السرقات العلنية لمكنات ومولدات المصنع - الذي كان مديره - يتم بواسطة بعض المسئولين.

وشكلنا جوزيف وشخصي ثنائياً متفاهماً في تلك الفترة التي كنت أعمل فيها بحامية واو. وقدمني للمسئولين وساهم في بناء علاقة جيدة بين الحكومة والحامية.

إنتقل جوزيف للعمل في المملكة العربية السعودية في شركة (دلة) في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وإستمر حتى منتصف التسعينيات تقريباً، وأعتقد أن عمله بالسعودية أكسبه تجربة وخبرة، وعتق حكمته، وعمق من تسامحه المغروس فيه.

أضاف جوزيف الى تنوعه الجنوبي، بعداً ثقافياً شمالياً، بحكم دراسته في الشمال. فامتزجت عنده الثقافات، لتنتج هوية سودانية خالصة، وليصبح رمزاً لتنوع الهوية السودانية، والسلام، والمحبة في الجيش السوداني. والجيش السوداني في ذلك الزمان - قبل الغزو الانقاذي في يونيو 1989- كان يحتضن التنوع، ويشجعه والترقي كان للكفاءة، والتميز في الخدمة، وليس للانتماء السياسي، أو المشروع الحضاري. وإنطلق المقاتل جوزيف رمحاً وحدوياً فريداً، وصلباً دون مزايدات أو أضواء وإدعاء، ومحاولة إستخدام قناعاته الوحدوية أو جذوره القبلية بهدف الإستوزار كما يفعل هواة القفز بين الوحدة والإنفصال أو بين الثروة والسلطة.

رغم ان جوزيف تنقل بين الانتماءات الحزبية، الا انه ظل يحمل على أكتافه رمحه الوحدوي، وفكره التجديدي اينما حل. فقد بدأ حياته السياسية عضوا في الجبهة الديمقراطية، حينما كان طالبا في المدرسة الثانوية، وربما تأثر آنذاك بالمرحوم "جوزيف قرنق" القيادي الشيوعي الذي كان يمثل تيارا جديدا وسط الشباب الجنوبي المتعلم، اضافة لذلك فان جوزيف قرنق وجوزيف فيلمون كانا من ابناء اقليم بحر الغزال.

بعد خروجه من الجيش، اتبع خطى والده الاتحادي الديمقراطي، ولكن الحزب الاتحادي الديمقراطي لفظه كما لفظ من قبله بعض رجاله الاقوياء الانقياء، واحتضن بعض الضعفاء. رفض الحزب الاتحادي ترشيح جوزيف في انتخابات 1986 في عقر داره "يرول". وأمام إصراره على خدمة وطنه من موقع حزب كبير، اتجه الى حزب الامة، خاصة بعد انقلاب الجبهة الاسلامية القومية في يونيو 1989. أذكر أنني زرته عام 1988 في منزله الذي كان يستأجره في الخرطوم بحري، وصارحني بفكرته الانضمام الى حزب الامة، ليس حقدا على الحزب الاتحادي، وانما رغبة في خدمة وطنه. كان جوزيف مليئاً بالحماس، وواثقاً إنه يملك الكثير الذي يمكن ان يقدمه للبلاد. وانتهى المطاف بجوزيف في التحالف الوطني السوداني، حيث وجد نفسه في فكره التجديدي وقناعاته الوحدوية.

ويمكن ملاحظة نقطتين هامتين: أولا ان المرحوم جوزيف اينما ذهب حمل معه قناعاته، ولم يغير فكره، أو جلده. والثانية ـ حسب علمي ـ انه لم ينضم الى حزب جنوبي رغم علاقاته القوية مع قادة هذه الاحزاب. فضـّل جوزيف العمل من خلال أحزاب قومية (شمالية ـ جنوبية) ليحقق من خلالها احلامه، وأمانيه النبيلة لبلده السودان.

ظل رأي جوزيف ثابتاً، لا يتزحزح في العقلية الشمولية الأحادية للجبهة الاسلامية القومية، ودولة الإنقاذ. وكان يعتقد أن أكبر معضلة ستواجه الحركة الشعبية مستقبلاً، هي الإنتقال إلى حزب سياسي، مؤسس يحترم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، لذلك أيـّد قرار الوحدة بين التحالف الوطني، والحركة الشعبية لتحرير السودان الذي اعلن في الثامن والعشرين من عام 2002. وقتها كان المقاتل جوزيف في امريكا، واذكر انني إلتقيت بالمرحوم دكتور جون قرنق في أسمرا بعد زيارته الشهيرة إلى أمريكا التي تمت بعد اعلان الوحدة بين التنظيمين. أذكر انه حدثني عن سعادته بالنشاط الايجابي الذي قام به الرمح الوحدوي جوزيف، مبشرا بأهمية وحدة التنظيمين للسودان الجديد ووحدة الوطن.

خدم المقاتل جوزيف "عم يوسف" اثناء فترة الانتفاضة الشعبية المسلحة بالجبهة الشرقية في معظم المواقع القيادية، بادئاً بقيادة مركز تدريب البطل عبد الفضيل الماظ، ثم مسؤولاً عن الادارة بقيادة قوات التحالف. بعدها استلم قيادة الجبهة الثانية في منطقة النيل الازرق، وعاد ليرأس مكتب التحالف الوطني بمدينة اسمرا. كان ضمن الطاقم القيادي الميداني الذي ضم وقتها عصام ميرغني - راشد بابكر - عبدالعزيز النور - سليمان ميلاد - علي يس وكمال اسماعيل. وهو الذي وضع مقرر (تاريخ السودان الحديث) وظل يدرسه بنفسه ويشرف على السمنارات والورش والنقاشات.

امتلك "عم يوسف" الحكمة الممزوجة بالخبرة، الموروثة عن والده، وقوة الصبر المخلوطة بالهدوء والرزانة. الى جانب ذلك كان مرناً، متوازناً، متصالحاً مع نفسه، ومنسجماً مع الاخرين. واختار الوفاء ليكون نموذجا له في الحياة، لوطنه ولقناعاته، ولزملاء الدراسة، ورفاق السلاح، ومقاتلي التحالف. اتصف عم يوسف برقة المشاعر، وطيلة رفقتي له التي امتدت اربعة وخمسين عاما لم أسمعه يجرح انساناً.  

ولكني أعتقد أن أبرز صفاته، كانت القدرة على التسامح، بل كان التسامح نفسه يتعجب من قدرة جوزيف النبيلة. فقد كان جوزيف يدين بالمذهب البروتستنتي، ولا يستطيع أحد أن يتكهن بمذهبه إلا إذا ذكره عرضاً وأجزم أنه كان أمير التسامح السوداني.

وأذكر أن أحد أصدقاءه من دفعته مازحه يوماً قائلاً: انت يا جوزيف ما خلاص اقتنعت تخش الإسلام؟ فرد جوزيف: إقتنعت. لكن ما بدخل عن طريقك عشان ما تكسب أجر.

تزوج جوزيف في حياته ثلاث زيجات: الأولى السيدة تريزا، شقيقة السيد مايكل بنجامين، وهي والدة إبنه الأول ديفيد. والثانية السيدة روزا، والدة إبنيه مايكل ومناسي. والثالثة اينري، ونناديها انصاف الجعلية ولم يرزق منها بأبناء، ولكنها تحتضن إبنته أيان وعمرها 16 سنة وهي من أم شلكاوية، وتدرس في المدرسة الثانوية بولاية نبراسكا.

زوجاته متواجدات في الولايات المتحدة الأمريكية، ويزورون السودان في فترات. ولكتابة هذه السيرة تحدثت إلى أحد اخوانه وبعض شقيقاته، وزوجته إنصاف، وبنته أيان، وإنصاف الجعلية، والدتها فكتوريا من دينكا يرول، ووالدها حجازي إدريس بانقا من 24 القرشي منطقة مدني، وهذا هو التنوع السوداني الذي تحدثت عنه.

تحلى جوزيف بإنضباط تنظيمي عالي. فحين هرب الإنقساميون في العام 2003 إلى حل التحالف الوطني السوداني، والدخول في الحركة الشعبية دون إتفاق موقع – تمترس جوزيف مع القرار التنظيمي مقاوماً ضد الهجمة الإنقسامية متحلياً بالأخلاق الرفاقية.

أذكر أنه كان يناديني في السودان بعد تخرجنا من الكلية الحربية (يا عمدة) – وحين كنا في الميدان استمر يناديني بالإسم الكودي يا عمدة بدلاً عن مقاتل، فقلت له يا دفعة شنو الحكاية عمدتنا إنت. فرد: أهم حاجة نحن نبقى القدوة الإنضباطية أمام المقاتلين الصغار – تقديراً للقيادة، وإحتراماً لها.. وإفتخاراً بها.

وكما كان دوره أساسياً في مرحلة بناء قوات التحالف السودانية – عمل بشكل دؤوب في المرحلة الثانية إعادة بناء التنظيم بعد دخول السودان في العام 2005 من موقعه في ولاية تنسي بالولايات المتحدة، فشارك في كل الندوات التي أقيمت هناك، وكان آخرها الندوة التي قدمتها بواشنطن، ونظمها إتحاد الصحافيين السودانيين بتاريخ يوليو 2008م.

كنا نسكن سوياً بغرفة واحدة، بمنزل المقاتل حاتم أبو سن، فعرضت عليه نص المحاضرة لمراجعتها، وأبدى ملاحظات هامة، تم وضعها ضمن النص. والمثير كان حضوره وحرصه على المشاركة، رغم أنه كان خارجاً من عملية لسرطان البروستات قبل أسبوع من تاريخ الندوة.

فقلت له: لو كنت أعلم ذلك لترجيتك عدم الحضور. فرد: لابد من الحضور لإكمال مرحلة إعادة بناء التنظيم. وبعد نهاية الندوة، عدنا مساء إلى الغرفة، وساقنا الحديث إلى أيام العمل الميداني، وعلاقة  الوفاء بين الشهيدين، عبد العزيز النور، وسليمان ميلاد في الحياة، والنضال، والإستشهاد، وإختيار أماكن القبور فبينما يرقد أبو النور في الإتجاه الجنوبي الشرقي (بمينزا) على ضفاف النيل الأزرق – يرقد ميلاد في الشمال الشرقي (بقرورة) على ضفاف البحر الأحمر في عناق أبدي يعبران عن النضال المشترك إسلاماً ومسيحية ضد الشمولية والإرهاب – وتحقيق دولة التنوع الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة.

فقال الرمح الوحدوي: أنا خايف يا أبو خالد أموت وأدفن في أمريكا. أنا داير أموت في السودان ولذلك سأرتب وأعود وألحق بك.

فقلت ضاحكاً: تلحق بي وين؟ في الموت ولا في السودان؟ ونبقي زي أبو النور وميلاد انت في الجنوب بيرول وأنا في الشمال بحلفاية الملوك.

وصدقت رغبته وعاد إلى السودان، وتوفي المقاتل جوزيف فلمون المولود في 1 يناير 1944م بتاريخ 23 يناير 2010م، وعمره ستة وستين عاماً وأربعة أشهر وإثنين وعشرين يوماً في مدينة جوبا. ورحل جثمانه إلى مسقط رأسه بمدينة يرول، بإقليم بحر الغزال، ليدفن بجوار والده الزعيم فيلمون ماجوك.

ويقول تقرير الطبيب، أن المقاتل جوزيف توفي بسبب الملاريا اللعينة، وليس السرطان الخبيث، وأن الملاريا أثرت على مرض السكري الذي كان يعاني منه.

ويحكي شقيقه السفير ماجوك فيلمون، أن جوزيف سافر إلى جوبا بكامل صحته، وأن موته كان مفاجأة وصدمة للأهل والأصدقاء والمعارف.

وبعيداً عن القضاء والقدر وأسباب الموت، فهل يا ترى كانت رغبة الرمح الوحدوي الرحيل قبل الإنفصال؟ هل كان ياتري لا يرغب أن يرى إنهيار حلمه، وأمانيه، وتطلعاته، وأهدافه التي ناضل من أجلها؟

ولكن قبل أن يذهب جثماناً إلى يرول، نشير إلى دوره المهم في مرحلة إعادة بناء التنظيم، وذلك بإنجاز المؤتمر العام الثالث للتحالف الوطني السوداني بتاريخ 2 مايو 2009 بقاعة المصارف بالخرطوم، وهو الذي أصر على أن ينعقد المؤتمر في إحدى القاعات، وليس بمركز التحالف الوطني ببحري / حي الأملاك كما كانت تقترح لجنة المؤتمر.

وكان من أقوى المدافعين في إتجاه ترشيح قيادة جديدة لمكتب تنفيذي الحزب، تأكيداً لمبدأ عدم أبدية الرئاسة. وإنتخب المؤتمر العام فعلاً قيادة جديدة، وإنتخبه أيضاً نائباً لرئيس المجلس المركزي.

هاجر المقاتل جوزيف إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان مقيماً بولاية تنسي، وعمل موظفاً بمنظمة Food Stam Service، وتحصل على  الجنسية الأمريكية، واشترى منزلاً بالأقساط لم يكملها، وأعاده إلى أصحابه حين قرر العودة إلى السودان، ولم يتبقى له في أمريكا إلا عربته الفورد.

وفي السودان ظل يلاحق قطعة أرض، أسوة بدفعته، وفي بدايات العام 2010 تحصل على قطعة ارض بأم درمان، باعها بمبلغ 7,000 جنيه لحوجته للمال. كما ظل يلاحق معاش الفترة الإنتقالية التي عمل فيها وزيراً للأشغال ببحر الغزال (1985 – 1986) وتحصل على معاش 125 جنيه.

توفي الرمح الوحدوي، فقيراً من المال، كديدن المناضلين الأنقياء، وإني أتوجه بنداء إلى رفيق النضال النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت أن يسمي شارعاً في مدينة يرول، باسم جوزيف فلمون مجوك تخليداً لذكراه. 

* رئيس المجلس المركزي لحزب التحالف الوطني السوداني.



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by