# # # #
   
 
 
[ 24.01.2010 ]
دارفور المحطة الأخيرة للمشروع الحضاري (2-2) ـ محمد فاروق سلمان*




حتى لانحول انتصارنا الى هزيمة:

 دارفور المحطة الأخيرة للمشروع الحضاري (2-2)

تغليب النظام للخيار العسكري وايمانه بافق الحل عبر هذا الخيار في التسعينات، قاد الى حملة عالمية كبيرة لانقاذ جبال النوبة من التصعيد العسكري هناك. وقد تم وصف عمليات النظام هناك وقتها بحملات الابادة، وقد ادى هذا مؤخرا لاتفاق ايقاف النار المعروف باتفاق سلام جبال النوبة، والذي شكل توظيفاً عملياً لانتصارات الحركة الدبلوماسية، كما شكل بداية موفقة للسيناتور دانفورث والذي قاد مجهودات الادارة الامريكية للحل السياسي للحرب في السودان، والتي انتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل. في وقت مبكر من هذا الوقت وفي النصف الاخير للتسعينات بدات آفاق العمل المسلح في الجبهة الشرقية بالظهور، وقد كانت الامال الاقوى للحركة في انطلاقة لواء السودان الجديد. والذي لم يحقق اهداف سياسية كبرى كانت مرجوة وضرورية في مسيرة بناء السودان الجديد، رغما عن تزامنه مع حراك سياسي  كبير شكل اعلان اسمره في مؤتمر القضايا المصيرية  قمته، الا ان غياب الرؤية الاستراتيجية للتحالفات داخل الحركة الشعبية قد حدّ كثيرا من تحقيقها لنصر حاسم على مستوى مشروعها الاستراتيجي والذي هدفه تحرير السودان، وقد أثر كثيراً على دور لواء السودان الجديد وجود قوات التحالف السودانية والتحالف الفدرالي وتنظيم البجا ولاحقا الاسود الحرة، في ظل غياب الرؤية الاستراتيجة للتحالفات داخل الحركة. وقد تزامن الاعلان الاول عن لواء السودان الجديد مع بدايات الاعداد للعمل الميداني لقوات التحالف السودانية، وقد كان ظهور التحالف الوطني/قوات التحالف السودانية في مؤتمر القوى الرئيسية في اسمره 1994 الاعلان الاقوى عن الحزب الجديد والآفاق الجديدة للعمل المسلح، وقد ذكر القائد عبد العزيز خالد في ورقة اعدها عن لواء السودان الجديد عن سفره وعبد الرحمن عبد المطلب للقاء د.جون لمناقشة فكرة لواء السودان الجديد وبحث امكانية توحيد الجهود.

ادت النهايات الغير كاملة للصراع في اتفاق السلام الشامل لخلق واقع شائه جدا لما كان يمكن ان ينتهي  اليه الصراع وفقا لتصاعد وتيرته، ووفقا ايضا للنجاح السياسي الذي بدأت تحققه الحركة الشعبية مع القوى السياسية والشمالية تحديداً، بما كان يضمن اعداد افضل للشمال لوضع المشروع الحضاري وراء ظهره، واظن ان اشكالات الشمال مع الوحدة ستظل دائما اكبر، وما هو مطلوب من الشمالين للوحدة اكثر مما هو مطلوب من الجنوبيين، الا ان انعكاسات الصراع على نظام الخرطوم ايضا كانت كبيرة فمشروع "تديين" الجيش والقوات النظامية اضر كثيرا بكفائتها والعزلة الدولية عليه صارت اكبر، وتداعيات كثير من التناقضات داخل منظومته الفكرية اثرت على تماسكه. واظن ان انقسام المؤتمر الوطني في نهاية التسعينات كانت اشارة مبكرة لنهاية النظام او على الاقل نهاية مشروعه الحضاري، الا ان تداعيات الاحداث لم تسر في اتجاهاتها الطبيعية المرجحة خصوصا مع انطلاقة عوائد استثمارات النفط مع بداية الالفية الثانية، ودخول المصالح الصينية في لعبة الموازنات، والاهم توقيع اتفاق السلام الشامل، لياتي الصراع المسلح في دارفور وفق عالم اصبح اكثر معرفة بالسودان، وليتصاعد هذا الصراع والاجهزة الحكومية للدولة اقل دراية وكفاءة بما في ذلك الجيش، والاهم تراجع كبير للتماسك الداخلي للتنظيم الحاكم وانهيار لمؤسسته الايدولوجية لحد ان احد اكبر الفصائل المتمردة في دارفور الآن يقودها احد قادة كتائب الجهاد السابقين.

بدأت حركة تحرير السودان الانطلاقة الاولى للعمل المسلح في دارفور ورغما عن التماسك والرؤية السياسية الواضحة في اعلانها وظهورها الاول والتي انتهت بانضمامها للتجمع في ايامه فاعليته الاخيرة، الا ان هذا التماسك الظاهري اخفي الكثير من التناقضات التي اثرت على تطورها مستقبلا، واضر عدم المواجهة الايجابية و الصريحة مع التركيبة القبلية لواقع دارفور كثيرا بحركة/ جيش تحرير السودان، وللاسف فقد اختارت الحركة الوليدة توظيف اخطاء المؤتمر الوطني بنفس منهجه، فبدأت حملتها ضد "الجنجويد" اشبه بتاليب للراي في الاقليم والراي العالمي ضد كل الكيانات العربية الدارفورية او هكذا بدت، الشيء الذي حدّ من انتشارها سياسيا وادي الى نجاح محدود لاستراتيجية الحكومة في عزل حركة تحرير السودان من التمدد وسط القبائل العربية، وقد كان هذا أسوأ من نجاح الحكومة في توظيف الصراع القبلي في المنطقة لمصلحتها. واعتقد أن من المواقف التي تحسب للحركة الشعبية عدم انزلاقها لهذا الخطأ، فبالرغم من حجم الاستغلال والاستقطاب  للقبائل العربية وتوظيفها في المواجهة معها والذي شاركت فيه كل الانظمة التي تصارعت معها دون استثناء وان كانت الانقاذ بشكل اكبر، الا ان الحركة لم تروج لمعركتها على اسس قبلية، ولم تخض في مواجهة مع قبائل البقارة من الاصول العربية خارج اطار المعارك التي فرضت على هذه القبائل، وانطبق هذا على كثير من المواقف مثل مجزرة الضعين و الاشتباكات الدامية بين الشلك والصبحة في جنوب النيل الابيض والذي كان واضحا فيه انحياز نظام الخرطوم للقبائل العربية. وقد حافظت الحركة على موقف ثابت في توظيف كل هذه الاحداث في تثبيت تورط نظام الخرطوم في جرائم الابادة دون ان تفقد بوصلتها السياسية في الحديث عن تحرير السودان والاحتفاء بكوادرها من الشمال و اتباع سياسة اشبه بالتمييز الايجابي لهذه الكوادر داخل الحركة الشعبية.

ساهمت ظروف اكثر تعقيدا في تحديد نجاحات حركة تحرير السودان، من ضمنها ايضاً العوامل الخارجية، فالدور التشادي وللطبيعة القبلية للنظام هنالك كان اكثر استعدادا لدعم قبائل الزغاوة، وهذا ساهم اكثر من طبيعة تكوين الحركة والتي شكلت قبيلتي الفور والزغاوة اساسها الى تحديد الموازنات داخلها، ورغما عن محاولة حفظ التوازن من خلال اعلان عبد الواحد محمد نور رئيسا للحركة وهو من قبيلة الفور، و منِّي اركو مناوي امينا عاما وهو من قبيلة الزغاوة الا ان هذه الموازنة سرعان ما انهارت، وانقسمت الحركة على اساس تكوينها القبلي قبل ان يعود مناوي وفق اتفاقية ابوجا الى الخرطوم في اتفاق لم يؤثر كثيرا على ايقاف رحى الحرب في دارفور. وبعيدا عن الانتصارات الميدانية التي حققتها الحركة في بدايتها ابان فترة توحدها الا ان الانقسامات الكثيرة التي منيت بها، واصبحت سمة كل حركات دارفور المسلحة جعلت من حركة العدل والمساواة الاعلى صوتا ووجودا. ورغما عن ان اغلب قياداتها كانو من سدنة النظام الا ان هذا لم يشكل خروج عن طبيعة الدور الذي ظلت تلعبه دارفور في الصراع السياسي في السودان، فقد شكلت الداعم الاساسي لاستقرار الدولة تاريخيا والمهدد الاكبر لهذا الاستقرار ايضا. وعل تاريخ وجود الدولة هناك والذي سبق ميلاد الدولة الحديثة في السودان قد ساهم في تعاظم دورها هذا، فالحركة الاسلامية الحديثة في السودان اعتمدت بشكل كبير على المنطقة، وايضا كان انحيازها لليمين اوضح ظاهريا في دعم التيارات التقليدية المحافظة في ظل التوظيف المخل للدين في الصراع السياسي في السودان، غير أن الكثير من الكوادر في اليسار كانت من دارفور ايضا، وبدت حركة تحرير السودان في تبني رؤى اكثر تقدما في كثير من القضايا. وقد ظل التاريخ يشهد بان تغيير منظومات الدولة في جغرافية السودان تلعب فيه دارفور دائما دورا محوريا منذ الصراع بين الفونج والفور وصعود وهبوط المهدية وانتهاءا بمشروع دولة ما بعد الاستقلال الآن.

ظلت المعارك التي تدار في السودان جراء الاحتجاجات السياسية مسرحا لكثير من انتهاكات حقوق الانسان في تاريخ الدولة الحديثة ابتداءا من احداث عنبر جودة، وقد احيط عنف الدولة دائما بحصانة ساهمت في تماديه اكثر. والشاهد ان الدولة الحديثة في السودان قامت على حق احتكار هذا العنف اكثر من اي مفهوم آخر من مفاهيم الدولة الحديثة ومظاهرها، والذي اخذ اشكالا متباينة ابتداءا من مشاهد ضرب افراد الشرطة للنشالين والمشردين في الشوارع، والذي كثيرا ما بكون بمشاركة المارة، ومرورا بالتاريخ السيء لاجهزة الامن والتي شهدت نهايات فصول التعذيب داخل مقارها استشهاد الكثير من المناضلين، واما مسارح العمليات في مواجهة التمردات المسلحة كانت ومنذ تمرد 1955 استخدام مفرط للقوة، عززت من عزلة الدولة الحديثة في السودان وكثير من القطاعات الشعبية وعداءها مع هذه القطاعات، لتبقى بحق دولة نخبة معينة احتكرت السلطة في حقبة ما بعد الاستقلال ومنذ اجهاض ثورة اللواء الابيض، وتكفي الاشارة هنا الى ان الحرب الاهلية الاخيرة لم تشهد تسليم القوات المسلحة "السودانية" لاي اسرى ميدانيين!! رغما عن تسليم الجيش الشعبي لعدد كبير من الاسرى. وقد شهدت ممارسات الانقاذ قمة هذه الانتهاكات، ومن المهم جداً التحقيق في دور الجيش الحكومي واستخباراته في التعامل مع اسرى كل الحروب الاهلية في السودان منذ الاستقلال والتحقق من مصير هؤلاء.

بدأت الانتفاضة المسلحة في دارفور وكل اجهزة الدولة اقل استعدادا لاحتوائها:

أولا: قيادة سياسية متسلطة وجعلتها التراجعات التي مرت بها في نيفاشا اكثر تعنتا في ملف دارفور، فبعد أن كشف الاتفاق السياسي في نيفاشا عن تناقض اساسي في بنية الخطاب الشمولي للحزب الحاكم، ومرجعياته الدينية اصبح النظام اقل استعداداً لتقديم مزيد من التنازلات. ايضاً والاهم عدم ايلاء النطام مطالب الآخرين والمظالم التي تقوم عليها احتجاجاتهم اي قيمة خلاف ما يفرضه ميزان القوى العسكرية!، وهو ما استدعي دائما تقديم الحل العسكري عند النظام، وهو ما دفعه للقصف غير المبرر لكثير من القرى والمناطق الماهولة بالمدنيين مع تفجر الصراع المسلح في دارفور، والزج بثقل الدولة العسكري في هذا الصراع بغية تحقيق نصر حاسم وسريع للصراع، وقبل ان يحقق العمل المسلح نقاطا لصالحه في ميزان القوى! ودون اعتبار للخسائر المصاحبة لهذه النزعة في انهاء الصراع عسكرياً. وقد كان للتخفيف الذي تم على الدولة عسكريا جراء اغلاق كثير من جبهات القتال بعد توقيع اتفاقية السلام دوراً في توهم امكانية آفاق هذا الحل.

ثانيا: قوات مسلحة تاثرت احترافيتها كثيرا بسياسات الانقاذ تجاه المؤسسة العسكرية، مما شل قدرتها عن احتواء الصراع قبل تنامي مقدرات جيش تحرير السودان العسكرية كثيراً للحد الذي هدد عمق القوة العسكرية الضارب في مطار حاضرة شمال دارفور الفاشر.

ثالثا: فشل تجربة الدفاع الشعبي ميدانيا، وصعوبة الزج بالدين في الصراع في دارفور، مما حدا بالنظام توظيف الصراع القبلي القائم لتوفير دعم عسكري فاعل في الميدان لقوات "الحكومة". فكان توظيف الجنجويد وتغليب ميزان القوي التقليدي في دارفور بثقل الدولة لصالح الكيانات العربية في المنطقة. وقد وظفت كثير من هذه الكيانات هذا التفوق لخدمة اجندتها الموجودة اصلا دون اعطاء اولوية لاجندة النظام، مما فاقم من الآثار الكارثية لابعاد الازمة الانسانية وتعزيز مشاهد الابادة العرقية في الصراع.

رابعا: انهيار دور الدولة الوظيفي وغيابها التام في تلبية كثير من الحوجات وتقديم الخدمات للمواطنين جراء عشرون عاما من السياسات الخاطئة وانهيار كفاءة الجهاز الحكومي، مما عزز من اضعاف علاقة الدولة بالمواطن، والاهم اضر بهيبة الدولة. وقبل تفجر الصراع السياسي المسلح في دارفور كان استشراء تقليد النهب المسلح في المنطقة قد اثر على ثقة المواطنين في جدوى احتكار الدولة للعنف اذا لم يكن في مقدورها توفير الحماية لهم؟. وقد فاقم من هذا تراجع كفاءة المؤسسات العدلية كثيرا، او انهيارها احيانا نتاج الانحيازات التي يمليها الجهاز السياسي للدولة في ظل توظيفه وترسيخه للصراع العرقي والاثني، ففي مناطق تعج بالنزاعات المختلفة والمتنوعة مثل دارفور يتاثر فيها وجود الدولة بكفاءة وقدرات اجهزتها العدلية اكثر من المناطق التي لاتشهد نزاعات.

لم يتم استثمار المناخ الذي اتاحه توقيع اتفاق السلام الشامل في اتجاه خلق اجماع وطني ضروري حول كثير من القضايا. والاهم تعزيز بناء عقد اجتماعي على اسس جديدة وتعزيز البناء الدستوري للدولة، وتوظيف التنازلات التي صاحبت الاتفاق في اتجاه خلق الاستقرار السياسي وليست التاكيد على ضعفه. وعلى  العكس فقد وظف المؤتمر الوطني هذا المناخ في التاكيد على هيمنته الكاملة على الشمال، وبدلا من التفكيك الطوعي لمظاهر الشمولية في نظام الدولة ذهب النظام في تعزيزها بالتاكيد على ثنائية الاتفاق. مما ذهب بأهم المكاسب المرجوة من الاتفاق وهي مسالة هيكلية في بنائه اهمها استحقاقات وثيقة الحقوق، وعملية التحول الديمقراطي وعلّ أهم الحزم في اتفاقية السلام الشامل تُرك انفاذها للحكومة المنتخبة ديمقراطيا في الفترة الانتقالية الثانية، وللاسف عدم ادراك المؤتمر الوطني لاهمية هذا قاده لماطلة اجهضت عملياً الاتفاقية!، والآن يتم الحديث عن الاستفتاء كاعلان اجرائي للانفصال، بعد ان عززت سنوات الشراكة في الحكم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من حالة عدم الثقة بين الشمال والجنوب، والاهم ابقاء خيارات الوحدة والانفصال رهينة لارادة طرفي الشراكة مما يعني توظيف هذه الخيارات في الصراع الدائر بين الطرفين.

سيتم تحقيق تقرير المصير للجنوب دون اي اثر ايجابي للمؤتمر الوطني في هذا، والمعني هنا بالاثر الايجابي ما كان مرجواً من الCPA والتحولات التي كان يفترض ان يحدثها في نظام الدولة القائمة لصالح تغليب خيار الوحدة، وايضا بناء السلام في دارفور في ظل رفض النظام لدفع استحقاقات هذا السلام قد يتم في ظل ضعف للدور الوطني عموماً وربما غيابه حتى، وكل هذا يعني انتهاء الدور التقليدي للدولة المركزية في السودان وهو الاساس الذي قامت عليه دولة المشروع الحضاري مما يعني تفككها عملياً، وبعيدا عن محاولات الكثيرين في تجنب هذه النهايات، الا ان هذه النهايات تبقى الحصاد الموضوعي لسنوات حكم هذا المشروع، محاولات تحاشيها اطلاقا ستكون تواطؤاً مع دولة المشروع الحضاري، ودفع استحقاقات هذه النهايات سيكون اوله اعلان فشل المشروع والتراجع عنه، وهو ليست باي حال اكثر من اقرار لواقع الازمة الشاملة التي تعيشها شعوبنا الآن. هذا يجعل القبول باي سيناريو تقود اليه حلول هذه الازمة بداية لتحديد معالم انتصار القوى الوطنية المعارضة. ومتطلبات الانتصار لهذه القوى اكثر بكثير من دواعي الهزيمة والتي لعبت فيها عوامل ذاتية داخل المشروع الحضاري نفسه دورا مهما لا يمكن ان تلعبه الآن. من اهم هذه المتطلبات ارساء قيم ديمقراطية حقيقية ياتي في طليعتها عدم توظيف انحسار المشروع الحضاري في خلق عزلة سياسية لسدنته وبالتالي اقصائهم، فبنفس الدرجة التي تاتي فيها المطالب بالعدالة لتطال كل من ارتكب اي جرم في سنوات سيادته، يجب الايمان بان هذا دور جزئي لعملية اصلاح شاملة يضطلع المؤتمر الوطني فيها بدور مهم، وليست من المهم هنا التعرض لهذه الجزئية باكثر من ضرورة بقائهم في الهواء الطلق، وعدم دفع اي سوداني ليمارس نشاطه السياسي في الخفاء منذ الآن ومستقبلاً. الدور الاكبر يبقى في الاتفاق على شروط الحد الادني التي ستحكم تعايشنا وشروط العقد الجتماعي لدولة ما بعد انهيار الدولة المركزية في السودان، وليست الحدود العليا لرؤية اي كان في السودان كيفما كان اسهامه في عملية التغيير، وهذا يعني بالمقام الاول عدم ترقيع النظام المنحسر او اي من الاسس التي قام عليها. وهنا ياتي تعزيز قيم الحرية والعدالة ومفاهيم الحكم الرشيد، وكل متطلبات توجه حضاري جديد يصين كرامة الانسان اولاً ويضمن فعالية السودان في التعامل الايجابي مع االمجتمع الدولي وخصوصا في حيز تواجده الاقليمي، والذي قد يشهد بعض التغيرات نتاج مستقبل اتجاهات شكل الدولة في السودان نفسه. والاهم في كل هذا ان فرص بقاء السودان موحدا ستظل اكثر كل ما كانت اسس تعايشه هذه بعيدة عن ثوابت ومنطلقات المشروع الحضاري، كما سيحكم انشطاراته بُعد تلك الاسس عن المفاهيم والمباديء لمشروع السودان الجديد، وفي كلا الحالين نحن مقبلين على سودان جديد غير الذي ألفه بعضنا، ورُوِّع بعضنا الآخر فيه، واضعين سنين اقتتالنا خلفنا وايضاً الكثير من التواريخ المشتركة وذكرياتها المختلفة.

*مسؤول الدائرة السياسية بحزب التحالف الوطني السوداني



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by