# # # #
   
 
 
[ 30.12.2009 ]
قوس قزح ـ الرينبو السوداني، مآلات التغيير ـ محمد فاروق سلمان




"سيناريوهات الفشل والنجاح"

محمد فاروق سلمان

 mmhdfarouk@aol.com
 

الانتقال الحرج أوالانتفاضة الجديدة:

أدت هيمنة المؤتمر الوطني على مفاصل الدولة والاقتصاد منفردا طيلة العشرين عاما الاخيرة، الي تسييس الجهاز الحكومي، وخلق حالة الارتباط القائم بين الدولة والحزب. وقد تم تعزيز هذا بسياسات التوظيف والفصل السياسي، (سياسات التمكين و الصالح العام)، ليكون واقع الانتخابات المقبلة مواجهة بين الامكانيات المحدودة للقوى السياسية، وامكانيات اجهزة واقتصاد الدولة. فالقوى السياسية الوطنية تخوض العملية الانتخابية ضد دولة الحزب، لتصبح الانتخابات أشبه بالعصيان المدني. فالتناقس لا يتم مع قوى سياسية بل مواجهة مع الدولة برمتها، وبالتالي مع مصالح كل اصحاب النفوذ في جهاز الدولة بما يضمن عدم حيدة كل اجهزة الدولة، واضعين في الاعتبار ان اتفاقية السلام الشامل اعطت المؤتمر الوطني سلطة شبه كاملة على الشمال، ونفوذ مهيمن على المستوى الاتحادي، ولم تستصحب معها عملية اصلاح، واعادة بناء للجهاز الحكومي بشكل يضمن كفاءته المهنية وحيدته، الشيء الذي سيشكل حجر الزاوية في عملية التحول الديمقراطي.

يفرض هذا الواقع على كل القوى الوطنية، مشروع سياسي ملح واحد، وهو ضمان انجاز تحول ديمقراطي من خلال نتيجة الانتخابات، بما يضمن كسر هيمنة المؤتمر الوطني على الدولة، ومن ثم الاطلاع ببرنامج محدد يضمن ادارة موارد الدولة، وثروات البلاد بشكل عادل. كما يعمل على اعادة بناء كل اجهزة الدولة لتكون أكثر كفاءة ومهنية، بما يضمن المساواة لكل السودانيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والثقافية والدينية، وبالتالي خلق واقع أكثر اهلية لمخاطبة قضايا قومية استراتيجية، مثل التحول الديمقراطي، واعطاء فرصة حقيقية للوحدة الطوعية. كما يمهد لايجاد حلول وطنية فاعلة لقضية السلام في دارفور، ومعالجة قضايا النزوح والانهيار الاقتصادي وتدهور الخدمات. برنامج يسْــُهل الاتفاق عليه بين القوى التي ظلت طوال هذه العشرين عاما تناضل من اجل خلق مستقبل افضل، ومساحات الاتفاق التي تم ايجادها عبر هذه المسيرة في مؤتمر القضايا المصيرية اسمره 1995، وكافة المواثيق والبرامج التي ابتدعتها قوى المعارضة الوطنية لاحقا، والتي يمكن أن تصبح اساس جيد لبرنامج حد أدنى، لتعزيز عملية الانتقال الحرج، وتحقيق التحول الديمقراطي مع استصحاب المباديء التي خاطبتها اتفاقية السلام الشامل، وكافة الاتفاقيات اللاحقة لها في قضايا تقرير المصير، وتعزيز مسألة الحكم الذاتي، وحتى الكونفدرالية، للالتفاف حول حصاد المشروع الحضاري، وهيمنته طيلة العشرون عاما الاخيرة.

الرينبو: أولوية صياغة الكتلة التاريخية على بناء تحالفات البرلمان المنتخب:

تذهب بعض القوى الى ان تشكيل أي تحالف للقوى الوطنية الديمقراطية، يجب أن يتم بعد العملية الانتخابية وفقاً للاوزان البرلمانية للقوى السياسية (أو على احسن الفروض في اعادة دورة التصويت على مستوى الرئاسة) كأفضلية على الاتفاق البرامجي، دون إلغائه طبعا، متجاوزين بذلك واقع أجهزة وموارد الدولة الآن، والتي لاتصلح لادارة عملية انتخابية نزيهة، ومتناسيين أيضا التغيرات والتخلخلات على مستوى المجتمع السوداني طيلة العشرين عاما من حكم المؤتمر الوطني، والتي طالت حتى القيم والأخلاق في واقع زراعة الفساد والتطرف والاستقطاب الاثني والديني طيلة فترة حكم النظام الارهابي الشمولي، واضعين في الاعتبار ان الانتخابات والتغيرات التي يراها البعض اصلاحات كافية لممارسة الديمقراطية لم يصحبها تغير جوهري في مباديء وعقلية النظام الاحادي بقدر ما هي استجابة  لمتطلبات اتفاقية السلام الشامل وضغوط المقاومة الوطنية اجمالاً، والاسوأ بقاء بنيات الدولة على ما هي عليه. لتصبح ضرورة مواصلة العمل المقاوم والنضالي لتحقيق التغيير بمعناه الاشمل لتطال جهاز الدولة ومؤسساتها ومجمل القوانين التي تتيح الحريات وتكفل حقوق المواطن وحقوق الانسان بعيدا عن القيم والاسس التي  اسست لها سنوات الحكم الشمولي. ومن المهم الا تترك المعارضة آفاق المقاومة قبل تحقيق اهدافها. وبمعنى آخر وضع السلاح قبل انتهاء المعركة. فمزاج التنافس السياسي التقليدي لم يحن اوانه بعد. كما ان البنية السياسية للقوى السياسية اصلا واهنة. وزاد من هذا سياسات الاقصاء التي اتبعها المؤتمر الوطني طيلة سنين حكمه، وتوظيفه لحالة الضعف السياسي للقوى التقليدية والحديثة، ونجاحه في تقسيمها في استراتيجة نجحت حتى الآن بالاضافة لاشكالات المعارضة الاخري في تثبيت الوضع الراهن: بقاءه في السلطة لا عن قوة بل لضعف المعارضة.

اولى ملامح الضعف في المعارضة هو عدم التفافها حول اهداف استراتيجية (والمعني هنا بالاهداف المساحة بين الرؤى والوسائل) وبالتالي عدم اتفاقها على الوسائل، وهو ما سيهدد فرص نجاح الرينبو كوسيلة إذ أن الاختلاف عليه سيتم دون النظر للاهداف المرجوة منه وسنسلك الطريق الاطول لمعرفة الحقيقة: التجربة!! وبعد فشل تغليب خيارات فرض الموازين المقدرة والمرجحة (والمتوهمة ايضاً) للقوى السياسية على اولوية تفكيك النظام الشمولي قد تتنادى هذه القوى للرينبو ولن نقول وقتها لا ينفع البكاء على اللبن المسكوب، بل يجب ان يرحب به حتى وان اتى متاخرا عن قضايا كانت ملحة، مثل وحدة السودان التي سيكون قد بت فيها، واستمرار النظام الشمولي فترة اطول، وانعكاسات هذا على الازمة في دارفور وقضايا التنمية وكفاءة الجهاز الحكومي والذي سيكون اكتسب ثقة في انحرافه. وستكون متطلبات التغيير عن طريق الانتخابات وقتها اكثر.

التسجيل تجربة ماثلة:

سنلقي كثير من اللوم على المفوضية، واعلانها الخجول عن التسجيل، وعن اماكنه، مما انعكس على ضعفه في بداياته. وايضا ستنال الامكانيات المحدودة للقوى المعارضة جزءا من اللوم، وسيكون من الافلاس لوم المؤتمر الوطني على حضوره (كما سيكون من الغباء السؤال عن من اين له هذا)، وكل هذا حديث عن جانب واحد من الامكانيات المطلوبة لمعركة الانتخابات ومتطلب واحد: الجانب هو الامكانيات المادية والمتطلب هو مهنية وكفاءة جهاز حكومي!! واذا كان اي من الاحزاب المعارضة الآن يظن ان في اي من هذين موقع يمكن ان تتقدم فيه المعارضة على المؤتمر الوطني سنكون كمن يمارس السياسة بضرب الرمل. والاهم ان التوظيف الامثل لهذين الشيئين لم يحن اوانه بعد. ففارق الامكانيات سيبين اكثر مع المراحل اللاحقة للانتخابات ـ والانتخابات لا يجب ان تكون التسجيل ـ وانحيازالاجهزة الحكومية سيكون اكثر سفورا مع تقدم العملية الانتخابية وللاسف سيزج ايضا بالاندية الرياضية والمؤسسات الدينية والقبلية والمؤسسات الرأسمالية ـ الشيء الذي بدأ (على عينك يا تاجر) في دعوة القطاع الاقتصادي للمؤتمر الوطني الحزب والتي سطرها السيد عوض الجاز رئيس القطاع الاقتصادي في الحزب وفي الدولة ايضا!! والقائمة التي تصدرتها كل الاسماء المعروفة والمنكورة في دنيا المال بلا استثناء. هذه فضاءات لا تقع ضمن رهان المعارضة وسيبقى ملاذ المعارضة الوحيد هو توظيف عشرون عاما من الفشل والغبن والمرارات والانتهاكات التي لم يأل الحزب الحاكم جهدا في ادخارها لتصبح هي الرصيد الوحيد للقوى الوطنية ولكنه رصيد ليس ملكا لاحد وملك كل احد، الاقتيات منه يذهب به، والاتفاق حوله يعظم من فرص الجميع في فرض خياراتهم عبر الانتخابات.

غياب الرؤية وفرص الردة

رغما عن الخطوات المتقدمة للمعارضة في اشواط كثيرة واتفاقها على كثير من المفاهيم الا انه لم يتم اعدادها لخوض هذه المعركة المركبة. ولا يوجد في تجربتنا ما يمكننا الركون اليه. وفكرة الرينبو مستلفة من التجربة الكينية، والتي تكررت في باكستان، وفي صربيا، في مواجهة ديكتاتوريات مختلفة الامزجة والظروف لكنها اثبتت نجاحها وهي باختصار توظيف الانتخابات في ظروف غير مواتية او ديمقراطيات الانظمة المستبدة لخلق ظروف مواتية او لخلق تغييرفي اتجاه التحول الديمقراطي. والرينبو ليست بالضرورة خلق تحالفات استراتيجية (فالمآلات في كينيا وباكستان افضت للمواجهة بين حلفاء الرينبو) ولكن بالضرورة يعني تحقيق اهداف استراتيجية وتغييرات على مستوى صياغة المجتمعات واعادة صياغتها وبشكل جوهري وذلك بتوظيف حجم الاجماع الذي يخلقه في ترسيخ المفاهيم التي تحكم تعايشنا مستقبلا وهذا كفيل باعادة صياغة الدولة، وفق اسس رضائية، وهو ما يجعل منه اكثر من آلية لتحقيق انتصار في الانتخابات وحسب.

لم يطالب احد من قبل بتقديم رؤية برامجية او فكرية ليتقدم الانتخابات في السودان. ومن باب الصراحة مع النفس لم يكن من متطلبات تصدر الانتخابات تبني برنامج سياسي او الانطلاق من رؤية فكرية. حتى ان اول اغلبية برلمانية لنا في اول انتخابات في السودان لم تلتزم ببرنامجها في دعم الوحدة مع مصر، أي دعوة الحزب الوطني الاتحادي حينها، بل ذهبت لتبني رؤية منافسها في نفس الانتخابات: حزب الامة بدعم استقلال السودان. وعندما تبني الاسلام السياسي مشروع دولة الشريعة الاسلامية، لم يقدم اكثر من حيلة تصدير الدستور بمقولة مصادر التشريع دون النظر لمتطلبات واقع دولة المواطنة متماشيا مع دعاوي هذا التيار في العالم الاسلامي مجازاً في بداية النصف الاخير للقرن الماضي متزامنا مع دعاوى الفريضة الغائبة "للمودودي" وحركة الاخوان في مصر مستفيدا من متطلبات الحرب الباردة والتي وجد الغرب في هذه الدعاوى وصمودها نسبيا في مواجهة الخطر الشيوعي في ظل فقر الغرب الايدولوجي، واختزال منظومته في الراسمالية حينها، قبل الترويج للعالم الحر، وتبني رؤى اكثر بريقا بعد الانهيار الذاتي للمعسكر الشيوعي، وجد فيها خط دفاع مهم لحماية مصالحه المتنامية في هذا الجزء من العالم. والاهم في النظر لتبعات هذه الحقبة ومآلالتها هو عدم الاضطلاع بمشروع تنويري يحكم تعايش المسلمين مع واقع دولة المواطنة اولا وتصالحهم مع الواقع الحضاري للبشرية الآن ومتطلبات هذه الحضارة التي ينتمون اليها والاسهام ايجابيا فيها. وذهبت قبل ان تنتهي الى ما انتهت اليه في قطيعة وحرب مع البشرية من خلال عمليات الارهاب والترويع الذي ادخلت اليه العالم مؤخراً. ذهبت في حرب ضروس مع كل المشاريع التنويرية التي جاهدت كثير من النخب المسلمة في ان تقود بها حراك مجتمعات المسلمين فكريا ومعرفيا في مناطق كثيرة. ويهمنا هنا الاشارة الى تواطؤ النخب التي تطمح لقيادة الاغلبية المسلمة في السودان في تبني مشروع الاسلام السياسي المعيب هذا، للحركة الاسلامية في السودان، وبطشها في الوقت نفسه بالمشروع التنويري الوحيد لهذه النخب هنا، والمتمثل في مشروع الفكر الجمهوري والذي انتهى باعدام مؤسسه الاستاذ الشهيد محمود محمد طه في آخر جريمة لمحاكم "التفتيش" في القرن العشرين، مما ساعد في ان يسود مشروع الحركة الاسلامية هذا. وباستثناء ما شكلته برامج بعض قوى اليسار والوسط المستقل عن الطائفية في فترات متقطعة، اتت بقية البرامج لباقي القوى السياسية كلها صدى لمشروع الحركة الاسلامية ليصبح هو المشروع المهيمن، والمحرك منذ نهاية الستينات، وحتى قمة انتصاره في دولة المشروع الحضاري القائمة الآن. ويمكن احتساب الفترة من بداية مايو وحتى سبتمبر 83 خارج اطار هذه الحقبة ظرفيا، كفترة انتقالية بين تبني المشروع بواسطة القوى التقليدية وبين نجاح الحركة الاسلامية في التصدي لقيادة المشروع جماهيريا وشعبيا. ويبقى السؤال هنا هل تم انتاج مشروع بديل؟ هل اعلن عن فشل المشروع الحضاري؟ وبعيدا عن الفعالية السياسية للحركة الاسلامية في المعارضة الآن، هل قدمت رؤية نقدية تؤسس لمشروع التغيير على المستوى المفاهيمي للحركة ؟ ام ان المهم هو المزايدة على النظام القائم بغض النظر عن الدوافع؟ او ليس هذا واقع المعارضة اصلا قبل ان ينضم اليها المؤتمر الشعبي؟ لم يطالب احد بتقديم رؤية نقدية عن جملة الاخطاء التي ساهم فيها سواء على مستوى المفاهيم او على مستوى ممارسة السلطة! كل هذ السرد هل يمكن ان يكون اساساً للدعوة لتحالف عريض مثل الرينبو؟ اقول اجل، اذا لم تكن القوى السياسية في السابق بحاجة لرؤية للانتخابات اظننا الآن بحاجة لها. وشعبنا الآن اكثر زهدا في مناضلاته للتغيير ليس عن قلة حوجة ولكن لعدم وجود رؤية مكتملة تشكل حافزا للتغيير، وهو مطلوب من القوى السياسية المعارضة الآن خلق هذا الحافز. ولا اظن ان من الممكن الاتفاق على برنامج السودان الجديد باعتباره المشروع الوحيد المغاير لمشروع النخب الذي اشرت له والذي تم انتاجه في خط مغاير ومواجه للمشروع الحضاري. واصلا لا يمكن التعرض له الآن اذا اردنا برنامج متفق عليه حقيقة، لا لأن التنكر له يمكن ان تتهم به حتى الحركة الشعبية اول الداعيين له، وباعتباره الرؤية التي بذل فيها الشهيد جون قرنق كثيرا من الجهد، وقامت عليها كل اجتهاداته ونضالاته السياسية والفكرية، ولكن لأن سقف مشروع السودان الجديد اعلى من متطلبات برنامج الحد الادنى وبالتالي لا يصلح اساسا للرينبو.

 إننا مطالبون بتقديم رؤية نقدية لمشروع الدولة القائمة الآن. ويقع على الذين كانوا جزءا منها العبء الاكبر وعلى الذين شكل مشروعها يوما حلمهم الصحيان لهذا الكابوس.

مآلات الفشل فرص النجاح: الديمقراطية نظام، وليست اجراء

هنالك الكثير من الآداب والأعراف التي تعرف بها الديمقراطية وبدونها لا تكتمل بيننا وبينها مسافات كبيرة. اذكر نقاش دار بين عبد العزيز خالد، رئيس المكتب التنفيذي السابق للتحالف الوطني/ قوات التحالف السوداني واحد القيادات في الحزب عن ضرورة بقائه في قيادة التنظيم، وعن كون هذا لا يتعارض مع النظام الاساسي للحزب باعتبار ان الدورتين السابقتين التي ترأس فيهما ابوخالد الحزب كانت فترة تمهيدية وفق ظروف الانتفاضة الشعبية المسلحة، رده كان مقتضبا: ان هذا تحايل على القانون، واظن ان التحايل على القانون ممكن ان يحدث و لكن بغض النظر عن جواز حدوثه، يبقى الاهم هو ترسيخ هذه القيم التي تكتمل بها الديمقراطية. ما معنى ترشيح المؤتمر الوطني للبشير بعد عشرون عاما من بقائه في السلطة وفي الجيش؟ هل هذا اصرار على لقب الرئيس المخلوع بدلا عن الرئيس المنتهية ولايته؟ ماذا يمكن ان يقدم احد في قيادة حزب ودولة لمدة عشرين عاما افضل من تدريب قيادة جديدة وتسليمها القيادة؟ قد يظن احد ان كثيرا من رؤساء القوى السياسية تنطبق عليهم هذه الوضعية ولكن اذا نظرنا لبقائهم في قيادة هذ الاحزاب نجد ان اغلب هذه الاحزاب مارست نشاطها بشكل قانوني فترات لا يبلغ مجموعها السبعة سنوات اي اقل من الدورتين وهذا ليس عذرا وانما يلقي عليهم بمسؤولية اكبر عن دورهم في الخروج باحزابهم والسودان من حلقة الشموليات. والاهم فعلا اعلان الكثيرين منهم عدم نية الترشح لرئاسة احزابهم مستقبلا قبل ان تحول ظروف طبيعية دون ذلك كالوفاة. كما اظن ان من الضروري لزعامات اخري ان تعلن عن احزابها كاحزاب سياسية، عندها سيكون امام المواطن وضع يحتاج منه الوقوف والنهوض بدلا عن الزهد والعزوف.

هيمنة المؤتمر الوطني قديمة قدم الازمة السودانية والمشروع الذي يقوم بسدانته الآن ساد في فترات سابقة لا اود الرجوع لها الآن وان كنت اود التعرض لها في مقام آخر وقد تم الترويج له بلافتات كثيرة ومتباينة في المقدار لكن ابدا لم تختلف كيفا. وقد تضاءل فرص هزيمته من خلال الانتخابات ولكن هل لو اتى السلطة عبر صندوق الاقتراع او بقى فيها وفق واقع انقلابه في 89 يكون الوضع سيان؟ لن تكون الاجابة بنعم عند اي فريق: فقياداته تروج لبقائهم في السلطة وعبر الانتخابات غصبا عن القوى المعارضة. واغلب القوى المعارضة ترى في امكانية فوزه في الانتخابات شر يضفي شرعية لحكمه. ولا احد حتى الآن يعلن انحيازه للخيار الديمقراطي ولا يشكل اي من الموقفين موقفا مبدئيا في مسالة الديمقراطية والتي لا يمكن بحال اختزالها في الانتخابات. فبقاء المؤتمر الوطني في السلطة وفق الانتخابات لن يكون مثل تفرده بالسلطة قبل الآن، او حتى مثل شراكته مع الحركة الشعبية الآن. فالديمقراطية ستعني المساءلة، وايقاف "البرطعة" في المال العام دون رقيب، وتعني فرص افضل لتحقيق استقلالية القضاء، وحرية الصحافة. كما تعني ايضا امكانية مواجهة ايا كان من رموز النظام بسجل الجرائم التي ارتكبت في حق شعبنا، وجلها قضايا لا يمكن ان تسقط بالتقادم مثل قضايا التعذيب، وقضايا المال العام، والجرائم ضد الانسانية. وتعني امكانية ان نفكر في الهواء الطلق، وهذا هو الاهم. عندها قد ننتج مشاريع نهضوية تعيد اتحاد بلادنا كما كانت قبل انقساماتها (وهذا لمخاطبة السيناريوهات الاسوأ). وكل هذا لن يتحقق وايادينا مكتوفة، او بالتنادي لمقاطعة الانتخابات، ونحن لم نقم بالدور المنوط بنا لضمان نزاهتها، والذي لن يكون باي حال دور اجرائي بل سيكون سياسي وفكري وحركي. والاهم الاتفاق على الكتلة التاريخية او الرينبو لهزيمة المؤتمر الوطني لتكفي البلاد مآلات لن يكون من اليسير تصحيحها وتكفيهم هم شر انفسهم.

 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by