# # # #
   
 
 
[ 30.12.2009 ]
الانتخابات: البحث عن خيار للإقتراع - كتب: ماهر أبوجوخ





صباح امس الأول اكتظت قاعة الشارقة بممثلي القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني المشاركين في الورشة التي نظمتها المفوضية القومية للانتخابات بالتعاون مع بعثة الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية بالسودان وبرنامج الامم المتحدة الانمائي حول عملية الاقتراع للانتخابات في الانتخابات العامة القادمة.

من بين السمات الاساسية للورشة بجانب الحضور الحزبي وممثلي منظمات المجتمع المدني، هو الوجود الاجنبي الكبير فيها بالاضافة لغياب القيادات السياسية الأساسية للأحزاب السياسية واستأثر الاحزاب المغمورة –إذا جاز التعبير- على جل فرص المناقشات التي اتيحت للمشاركين، أما أطرف المواقف التي شهدتها الورشة فكانت حينما طلب رئيس الجلسة البرفسور عبد الله احمد عبد الله نائب رئيس مفوضية الانتخابات بعد الانتهاء من تقديم اوراق النقاش من ممثلي القوى السياسية الراغبين في التحدث في الوقوف ووقتها وقفت اكثر من ثلث القاعة طلباً لفرص الحديث.

لكن الأمر المهم هو ما اشار له نائب رئيس مفوضية الانتخابات برفسور عبد الله احمد عبد الله حينما قدم عضو المفوضية البرفسور مختار الأصم لتقديم ورقته خلال الورشة بأنها لا تمثل رأي المفوضية وإنما هي مجموعة مقترحات اعدها مقدمها، وبالتالي لا تمثل الرأي الرسمي للمفوضية.

مقترح سالم

وتلخص المقترح الذي قدمه رئيس مجلس الاحزاب والتنظيمات السياسية السابق مولانا محمد احمد سالم للورشة حول أفضل خيارات الاقتراع بجعلها لمدة ثلاثة ايام. ودعا في مقترحه لتقسيم المركز الانتخابي لحجرات أو فصول بحيث يتم تخصيص كل حجرة أو فصل لانتخابات معنيه تشريعية وتنفيذية أو تقسيمها بين الانتخابات القومية والولائية وجنوب السودان.

ثلاثة ايام

وخلصت الورقة التي قدمها رئيس بعثة الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية بالسودان رى كندي لعدم إمكانية تنظيم الاقتراع في الانتخابات العامة القادمة خلال يوم واحد، مشيراً لوجود تجارب لدول يتمثل اقبال ناخبيها في اخر ايام العملية الانتخابية ولذلك فقد اقترح اقامتها خلال 3 ايام، كما شدد على أهمية اتخاذ الاجراءات الضرورية التي تكفل مشاركة اصحاب الحاجات الخاصة –المعروفين سابقاً بالمعاقين- الذين يقدر عددهم بـ10-20% من اجمالي الناخبين واهمية تكوين المفوضية لآلية قادرة على حسم الشكاوي والاعتراضات التي تصاحب عملية التصويت، مضيفاً أن بعض الدول تلجأ لنظام صارم يشدد على وضع العلامة الانتخابية في البطاقة في مكان وشكل محدد، فيما تتبع اخرى قواعد "اكثر كرماً ويسراً" لا تشدد بإشتراط وضع علامة معينه وبشكل معين.

يمكن العبور

ومن جهته اوضح د.عطا البطحاني أن الظروف التي تحيط بالانتخابات الحالية والشكوك تعتبر مشابهة لتجربة اول انتخابات تعددية نظمت في البلاد في عام 1953م مشيراً لتكرار ذات المخاوف والحجج رغم هذه السنوات الطويلة، وبدأ متفائلاً بإمكانية نجاح السودانيين مرة ثانية في تنظيمها وتجاوزهم لذات المخاوف التي تحيط بها وترك رسالة لأجيل المستقبل بأنهم قد نجحوا في تنظيمها رغم المصاعب، معتبراً كلفة عدم إقامة الانتخابات هي الأعلى مقارنة بكلفة اقامتها لجميع الاطراف.

يوم ممتد

واقترح البطحاني اقامة الاقتراع في يوم واحد ممتد اي فتح صناديق الاقتراع بشكل مستمر ومتواصل لمدة 24 ساعة باعتبره يتفادي سلبية ومخاوف تحويل الصناديق وإغلاقها ويوفر عملية متصلة، واستدل بتجربة طلاب الجامعات الذين يتابعون عملية الانتخابات منذ صباح التصويت وحتي إعلان نتائج التصويت عصر اليوم الثاني واضاف:"لماذا لا يكون هذا اليوم سهرة ممتدة إذا استقر في وعينا اهميته"، مقترحاً توزيع المراكز حسب الكثافة العددية المتوقعة وطبقاً لذلك يتم توفير الموارد البشرية والتي لا تستوجب بالضرورة أن تكون تلك الموراد البشرية متساوية بين المراكز.

اليوم الواحد

وطرحت الورقة التي قدمها عضو المفوضية البرفسور مختار الاصم اربعة مقترحات لكيفية الاقتراع، تمثل المقترح الاول في اليوم الواحد والذي اعتبره يتوافق مع النص الحرفي للمادة 74-1 من القانون التي تجعل الاقتراع لمدة يوم واحد والفرز وإعلان النتائج في ذات المركز. وتتمثل تفاصيل المقترح في دخول المرشح بشمال السودان للمركز ويجد الطاولات موضوعة في شكل حرف (U) باللغة الانجليزية وحيث يجد في الطاولة الاولي ضابط الانتخابات (رئيس الجمهورية- الوالي) فيقوم بالتصويت في الستارة التي خلف الطاولة ثم ينتقل للطاولة الثانية التي تحتوي مثلا انتخابات المجلس الوطني ويصوت في الستارة التي خلف اللجنة ثم ينتقل للطاولة الثالثة التي تحتوي على انتخابات تشريعي الولاية ويكرر ذات العملية ثم يغادر المركز، أما في جنوب السودان فضاف طاولة رابعة بالمركز خاصة بانتخابات رئيس حكومة الجنوب وتشريعي الجنوب.

ميزات وسلبيات

واعتبر الاصم أن ميزات هذا النظام احتماله لأكثر من ناخب في نفس الوقت وإمكانية مشاركة (3-4) ناخبين في نفس الوقت، مشيراً لتوافقه مع القانون وتأكيده لنزاهة الانتخابات وإغلاقه الباب على دعاوي التزوير ويضمن عدم تقاعس الناخبين الذين سيحضرون للمركز مرة واحدة للتصويت وتسهيله للسيطرة الامنية وتقليل تكلفة ترحيل الناخبين ومخصصات ضباط الاقتراع. أما عيوبه فأجمها بأن نسبة التصويت تكون في الغالب الاعم ما بين (70-80%) من اجمالي المسجلين مما يعني الحاجة لأكثر من 100 الف مركز في الانتخابات.

اليوم الممتد

أما المقترح الثاني فتمثل في (اليوم الممتد) وهو استمرار فتح مراكز التسجيل لمدة (72) ساعة متواصلة على أن تغلق الصناديق ويبدأ الفرز وتعلن النتائج في المركز، واعتبر الأصم هذا المقترح يتجاوز سلبية المقترح الاول باعتباره يتيح اكبر قدر للناخبين للمشاركة لكنه يتطلب عمل لجان المراكز بنظام الورديات ووجود لجان اقتراع احتياطية لخدمة جميع مراكز الاقتراع قادرة على سد أي نقص طارئ بسبب مرض أي من أعضاء لجان الاقتراع نظراً لعدم امكانية تعطيل عملية الاقتراع.

الايام الثلاثة

وطرحت ورقة الأصم مقترحاً ثالثاً يتمثل في التصويت لمدة ثلاثة ايام يتم بنهاية كل يوم إغلاق وتشميع الصناديق وقفلها طوال ايام الاقتراع على أن يتم فرزها في اخر يوم، لكنه نبه لإمكانية عرقلة التصويت من قبل أي من وكلاء المرشحين إذا ادعى وجود أي خلل أو تبديل في الاختام، كما أن هذا المقترح يحتاج لإعادة تفسير المادة 74-1 من قانون الانتخابات وإمكانية ان تفتح الباب والشكوك أمام مصداقية الانتخابات وإمكانية محاولة البعض تكرار التصويت في اليوم الثاني أو الثالث.

تجزئة الانتخابات

واقترح الأصم في مقترحه الرابع تجزئة الانتخابات بأن تقام التنفيذية في اليوم الأول ثم التشريعية في اليوم التالي أو القومية ثم الولائية ثم جنوب السودان، لكنه اشار لوجوب فرز وإعلان النتائج فور الانتهاء من الانتخابات. واعتبره يتوافق مع القانون ويسهل عملية الاقتراع للناخب والفرز وعد الأصوات، لكن سيتطلب حضور الناخب لأكثر من مرة وقد لا يمكن البعض من المشاركة في اليوم الثاني أو الثالث مع وجود مخاوف بإمكانية إثارة إعلان النتائج لإضطرابات امنية أو تحبط نتائجها البعض من المشاركة في الجولات الانتخابية التالية.

ادفعوا ومولوا

ابرز الملاحظات في التعليقات التي اوردها ممثلوا القوي السياسية خلال مداخلاتهم تأكيدهم بأن الاراء التي يدلون بها هي وجهة نظرهم الشخصية حيث لم تتخذ احزابهم قرارها حول كيفية الاقتراع.

وقال مسؤول ملف الانتخابات بحزب المؤتمر الشعبي حسن عبد الله حسين أن خيار الايام الثلاثة المنفصلة تثير مخاوف "لأن البعض يمكنه صنع الاختام والشموع وتعديل التوقيعات"، معتبراً ما يقال عن عدم توفر الامكانات لاقامة انتخابات أمر غير منطقي حيث تصرف ربع ايرادات البلاد على اشياء ليس لها قيمة وقال:"اعتقد أن الحرص الذي جعل 16 مليون سوداني يسجلون سيعطيهم الدافع للمشاركة في الانتخابات القادمة"، أما ممثل حزب العدالة عباس ادريس فوجه انتقادات للمفوضية لانها لم تسلم الاحزاب تلك المقترحات منذ وقت كافٍ لدراستها، ودعا للوفاء بتكلفة الانتخابات القادمة من قبل الحكومة التي تدفع مليارات الجنيهات لقتل وقمع جموع الشعب السوداني.

صندوق واحد

ومن جهته نبه ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المهندس محمد فائق لتعقيد وارتفاع كلفة الانتخابات القادمة مما يستوجب أن تدفع الدولة كلفتها، واعتبر مقترح سالم بتقسيم المركز لفصول يستوجب زيادة اللجان الانتخابية، واعلن رفضه لمبدأ تقيسم التصويت للمستويات المختلفة على عدة ايام، واقترح تصويت الناخبين في جميع المستويات في صندوق واحد عبر بطاقة متعددة الألوان مما يجعل عبء الفرز على لجنة الانتخابات بالمركز.

مخاوف وتطمين

واعتبر ممثل حزب الامة القومي الصادق بابكر محمد عثمان أن الأمر المطلوب هو التطبيق الكامل للقانون وعدم تكرار تجربة السجل الانتخابي وقال: "المشكلة الاساسية أن تجمعنا المفوضية هنا ويأتي المؤتمر الوطني في خاتمة المطاف ويختار الايام التي تناسبه للاقتراع مثلما اجاز قانون الامن بالبرلمان بالاغلبية الذي يعتبر سيفاً مصلتاً على قيادات وقواعد الاحزاب والناخبين" ودعا لوضع الضمانات الكافية منذ اللحظة.

لكن ممثل المؤتمر الوطني د.تاج السر مصطفي طمأن ممثلي القوي السياسية وحرصهم على اقامة انتخابات حرة ونزيهة، ورغم إقراره بعدم دراسة حزبه للخيارات المطروحة لكنه يرجح خياري (اليوم الممتد) أو (الايام الثلاثة) اللذان طرحا في ورقة الاصم، معتبراً أنه لا توجد مشكلة في تأمين وحراسة الصناديق بوجود مناديب الاحزاب- ولحظاتها انطلقت من ارجاء القاعة همهمات فهم منها تخوف ممثلي الاحزاب من حدوث تلاعب من قبل المؤتمر الوطني وعدم ثقتهم فيه- ونوه إلي أن استمرار المراكز مفتوحة لمدة 72 ساعة تتخله فترات لا تشهد أي تصويت.

واقترح مصطفي جعل مراكز التسجيل هي نفسها مراكز التصويت ورفضه لفكرة تجوال المراكز ورأي عدم وجود ما يمنع من تصويت الناخب في بطاقة واحدة على كل الخيارات يمثل كل لون احد الخيارات في صندوق واحد يتم تميزها من قبل لجنة الاقتراع عند بداية الفرز، وشدد على أهمية توفير الخدمات بمراكز التصويت.

وجهات نظر

ورحب ممثل حزب الحقيقة الفيدرالي عبد الكريم محمد صالح رحب بمقترح اليوم الممتد ورفض بصورة قاطعة مقترح الايام الثلاثة باعتبرها يتم فيه إغلاق الصناديق مما قد يؤدي لاثارة الشكوك، لكن ممثل حزب الامة الوطني محمد شيخ ادريس رحب بمقترح تجزئة الانتخابات بوصفه يتفق مع القانون ويسهل عملية التصويت للناخبين، أما ممثل اللجان الثورية ازهرى فضل فدعا لزيادة فترة التصويت لليوم الممتد لـ(10) ايام، وساند عضو تنظيم السودان الحديث صديق مساعد مقترح اليوم الممتد، أما ممثل الحزب السوداني الديمقراطي سليم عيسي التجاني فأبدى تحفظه على اليوم الممتد باعتبار أنه لا يوجد من سيصوت في الساعة الثانية صباحاً، واقترح زيادة ايام التصويت لأكثر من ثلاثة ايام، في ما تمسك محمد فرح (الجبهة الديمقراطية المتحدة) بإقامة الانتخابات لأكثر من يوم بسبب التخوف من التخطيط للانفلات الامني، ومع ترحيب ممثل حزب الامة الإصلاح والتنمية على نافع مصطفي بجعل الاقتراع لمدة ثلاثة ايام باتباع نظام اليوم الممتد ولكنه تساءل عن مدى مواءمة هذا النظام مع الاماكن التي يقطنها ويوجد فيها الرعاة بتخوم الجنوب وحدود ولاية دارفور مبيناً ان فترة التسجيل اظهرت أن بعضهم فقد حقه في التسجيل بسبب صعوبة وصولهم للمراكز، في ما طالب جمعة لادو (الجبهة الديمقراطية المتحدة) بجعل فترة الاقتراع لمدة (7) ايام، ونادي ممثل الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي عبد الاله محمود بجعل الاقتراع (يوما ممتدا) لكن لأكثر من ثلاثة ايام لمجابهة التزوير وضرورة حسم قضية تمويل الاحزاب السياسية

تساؤلات ومقترحات

ونبه عضو حزب العمل القومي د.محمد الامين لاهمية استصحاب الظروف المناخية للبلاد خلال الايام الثلاثة التي ستعقد فيها الانتخابات، في ما حث عضو الحزب الديمقراطي الوحدوي صديق عبد الجبار من المفوضية بالالتزام بما يجاز وعدم تكرار تجربة السجل الانتخابي، داعياً لجعل اليوم الممتد أقل من فترة الـ(72) ساعة، وشدد كمال محمد الامين عبد السلام (الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي) لأهمية التمسك بنصوص قانون الانتخابات في ما يتصل بالاقتراع، واعتبر عضو حزب التحرر الوطني احمد عبد الرحيم الخليفة أن الرؤى التي قدمت فيها قصور باعتبارها لم تحسب الزمن الذي يحتاجه كل ناخب كما لم تصاحب بتجارب تطبيقية، وتساءلت بدرية عبد القادر (المؤتمر السوداني) عن إجراء دراسات على الخيارات المطروحة وفق ظروف المجتمع السوداني منوهة لتزايد التصويت خلال فترة العصر واستبعدت تصويت الناخبين ليلاً، وقال ممثل الحزب القومي الحر احمد حجاج أن قاطني اطراف ولاية الخرطوم نفسها لا يعرفون كيفية المشاركة في الانتخابات القادمة ناهيك عن الموجودين ببقية انحاء السودان، مشيراً للاثار المترتبة عن غياب الممارسة الديمقراطية لاكثر من عشرين عاماً فآخر انتخابات تعددية وديمقراطية نظمت في عام 1986م، وأوضح ممثل حزب النهضة القومي نصرالدين حبيب ابراهيم أن الناخب يحتاج لثلاث دقائق لاكماله لعملية التصويت، وشدد عماد عبد الرحيم (حزب الامة القومي) على اهمية أن تكون عملية الدخول والخروج من المركز ساهلة وشفافة وواضحة وكيفية الفصل في التدخل الذي سينشأ جراء التداخل في الدوائر الجغرافية القومية والولائية.

ورفض محمد ابراهيم عبد الحفيظ –ضابط انتخابات دائرة النزهة في اول انتخابات نظمت بالبلاد في عام 1953م- تجزئة الاتخابات واهمية شرح الرموز الانتخابية للناخبين وضرورة حسم قضية تلقي الطاعنين في السن لمساعدة ابنائهم أو بناتهم بالتصويت وفق رغباتهم بعد أن يكونوا على القسم بالاضافة لقيام لجان الانتخابات بالتصويت تحت القسم عن الشخص المصاب بالعمي مثلما تم في انتخابات 1953م.


رابط المقال بصحيفة (السوداني)
http://www.alsudani.sd/issues/8911-2009-12-24-14-34-14.html



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by