# # # #
   
 
 
[ 10.11.2009 ]
تحليل اخباري: الخوف من القادم ـ ماهر ابوجوخ


مسافة كبيرة من الشكوك والريبة وعدم الثقة المتوارثة هي السمة الحاكمة لعلاقة حزب المؤتمر الوطني ببقية القوى السياسية المعارضة وحتى شريكها في اتفاق السلام الشامل الحركة الشعبية لتحرير السودان، رغماً عن توافقهما يوم عصر أمس على ايقاف التصعيد واستئناف الحوار، ورغم تلك الابتسامات بينهما لكن مساحات الشكوك والظنون تظل هي الاصل في علاقات الوطني مع القوى السياسية المعارضة وشريكها.

ولعل الاعتراضات والملاحظات التي ابدتها القوى السياسية المعارضة للمؤتمر الوطني منذ اول الشهر الجاري عقب بداية التسجيل الانتخابي، وتكرر وتشابه الاتهامات في كل مراكز التسجيل داخل وخارج الخرطوم وتطابق الشكاوى بصورة مكررة تمثل الصورة العامة لمشهد الانتخابات العامة القادمة.

فالقوى السياسية تعتبر أن "الوطني" يتجه لحسم الانتخابات منذ مرحلة التسجيل تطبيقاً للمقولة السائدة هذه الايام (الحج عرفة والانتخابات تسجيل)، باعتبار أن النجاح في تسجيل المؤيدين وتقليل حظوظ معارضيه في اكمال التسجيل ستزيد من حظوظه في اكتساح الانتخابات القادمة دون حاجة لاستغلال امكانيات الدولة، أو التلاعب في نتائجها، ورغم تلك العاصفة العاتية من الانتقادات لا يزال "الوطني" مصراً على عدم لجوئه لأي تجاوزات منهجية، وعدم استخدامه لامكانيات الدولة لمصلحته الحزبية.

ونجد أن المفوضية القومية للانتخابات اتخذت بوعي منها أو بغيره اجراءات ساهمت في تراكم تلك التخوفات والشكوك بعدم إعلانها عن مراكز التسجيل بصورة واضحة للمواطنين، إلا أن قرارها الخاص بتسجيل منسوبي القوات النظامية داخل وحداتهم العسكرية ادى لتنامي تلك المخاوف باعتبار أن هذا الأمر يتعارض مع نصوص قانون الانتخابات التي تشترط تسجيل الناخب في مقر سكنه وليس عمله.

ويتمثل تخوف القوى السياسية من أمرين اساسيين ـ بالاضافة لتمسكهم بتعارض هذه الخطوة مع قانون الانتخابات كما أنه يخل بمبدأ تساوي الفرص بين المواطنين مع امكانية حدوث تسجيل مزدوج من قبل البعض ـ اولهما عدم امكانية وجود مراقبين لممثلي الاحزاب السياسية في عمليتي التسجيل والتصويت التي تتم في مناطق عسكرية، أما ثانيهما فهو التخوف من تعرض منسوبي القوات النظامية عند تصويتهم داخل ثكناتهم لضغوط من جهات عليا تؤثر على حرية اختيارهم وهو ما ينتهك بصورة اساسية سرية الاقتراع.

ولعل تجارب القوى السياسية المعارضة وقناعتها بعدم امكانية خوض "الوطني" لأي انتخابات بطريقة مباشرة وعادلة وشفافة ونزيهة ناتجة عن كم كبير من التجارب بسوح الجامعات والنقابات التي انتهت انتخابات بعضها قبل الإعلان عنها، وهذا الأمر دفع القوى السياسية لتضمين اشتراطاتها في إعلان جوبا لخوض الانتخابات، ولكن التخوف الأكبر أن يفضي المشهد الخاص بالتسجيل لتحفيز القوى السياسية لاختيار خيارها بمقاطعة الانتخابات، ووقتها ستجد البلاد نفسها في حالة اقامة انتخابات تحظى بمشاركة "الوطني" فقط بين معسكر رافض بالاعتراف بنتائج الانتخابات وثانٍ متمسك بها، ناتجها النهائي زيادة الاحتقان السياسي المتفشي اصلاً، ويجعل الجميع يتخوفون من القادم والذي لن يدعو في ظل استمرار الشكوك بين مكونات الساحة السياسية والاتهامات المتبادلة الى التفاؤل، فنحن نرغب في التفاؤل لكن اجواء التشاؤم السائدة حالياً تحول دون رؤيتنا لهذا التفاؤل ...

* نشر بصحيفة (السوداني) في عددها الصادر يوم الاثنين, 09 نوفمبر 2009م.
 

 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by