# # # #
   
 
 
[ 18.10.2009 ]
عن التعليم: رؤوس اليتامى ـ فيصل محمد صالح




أفق بعيد
 
18 اكتوبر 2009
جريدة الاخبار
 

الحلاقة على رؤوس اليتامى فن عتيق وممارسة قديمة، وأين غير رؤوس اليتامى يمكن أن يتعلم الحلاقون الجدد فن الحلاقة، فالآباء الأحياء لن يسمحوا للهواة بالتدريب على رؤوس أبنائهم، وما يصحب التدريب من "زعمطة" وفجوات في شعر الرأس، غير بعض آثار العدوان التي قد ينجم عنها جروح. والحلاقون الوطنيون لن يتلفتوا ليبحثوا عن يتامى في الصومال أو أفغانستان أو هندوراس، فالشعب السوداني كله يتامى، وهو متوفر تحت قبضتهم وبين أيديهم ليجربوا كل ما سمعوا أو حلموا به أو رأوه في رؤية.
قبل سنوات قرر حلاق وطني أن السلم التعليمي "6-3-3" مش نافع، وأنه لا بد من البحث عن خطة بديلة، ولم يوجع الرجل رأٍسه بتكوين لجان واستشارة التربويين ومراجعة تجارب الدول الشبيهة بنا، وإنما عقلها وتوكل ثم طبقها خطة جديدة "8-3" ملغياً عاما دراسياً كاملاً من حياة طلاب المدارس، وقد قال البعض في ذلك أن الخبراء الوطنيين ربما وجدوا الطالب السوداني حاد الذكاء، وأنه ليس مثل بقية طلاب العالم، لذا فهو لا يحتاج للبقاء بالمدارس لمدة 12 عاماً، فاختصروا الطريق وجعلوا المدة 11 عاماً.


القدماء من أمثالنا يعرفون أن السلم التعليمي كان 12 عاماً منذ أن أسسه الانجليز "4-4-4"، وعندما جاءت مايو احتفظت بعدد السنوات، لكنها غيرت في تركيبة المراحل فجعلته "6-3-3"، وهو نظام مطبق في كثير من الدول العربية والأفريقية وفي  أوروبا وأمريكا. ولا يزال الجدل يدور حول ما إذا كان هذا التغيير سليما أم لا، وهناك كتابات ومراجع ونقاشات كثيرة حول هذا الأمر.

زبدة كلام الناس كان حول ضرورة إجراء دراسات عميقة وبحوث علمية قبل اتخاذ إجراء مثال هذا، لأن أي تغيير لا بد أن يراعي جوانب كثيرة، منها ما هو تربوي وعلمي ومنها ما هو نفسي واقتصادي ...الخ.

يقول كثير من علماء النفس إن عملية تثليث المراحل " ابتدائي- متوسط - ثانوي" تساهم في تحفيز الطالب ودفعه للاهتمام بالدراسة، كما أن التغيير المكاني والنفسي مهم جداً للطالب بجانب أن وجود أطفال في أعمار متقاربة في مبنى واحد يسهل متابعتهم والسيطرة عليهم تحاشياً لجمع الأطفال والمراهقين تحت سقف واحد.

ثم هناك الاستعدادات والتجهيزات الأكاديمية من حيث إعداد المناهج وتأهيل المعلم، وهناك أولياء الأمور واستعداداتهم الاقتصادية وما سيلاقونه من رهق مادي ومعنوي عند حدوث تغيير في السلم التعليمي...الخ.

الآن قالت مصادر الوزارة إن هناك اقتراحاً بتعديل السلم التعليمي ليصبح "9-4" بإضافة سنة لتعليم الأساس وسنة أخرى للتعليم الثانوي، ولا أحد يعلم الحكمة في ذلك. يعدلون النظام التعليمي، ويحذفون منه عاماً كاملاً مما يؤثر في مستوى الطلاب، ثم يقترحون إضافة سنتين، يفعلون كل ذلك دون أن يقدموا لليتامى مبررات مقنعة، ببساطة لأنهم يحسون أنهم ليسوا مرغمين على ذلك.

لا أظن أنها يمكن أن تمر بسهولة هذه المرة، فهذه قضية تستحق غضبة حقيقية وقوية تعمل على استعادة أمر التعليم من أيدي الحلاقين الهواة ليوضع في أيدي الخبراء والتربويين ومخططي السياسات،لا يجب السماح لمن أضاعوا الماضي والحاضر أن يضيعوا المستقبل أيضاً.

أيها الآباء والأمهات، مستقبل أبنائكم على المحك وفي مهب الريح فلا تجعلوه يضيع منكم.

 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by