# # # #
   
 
 
[ 04.07.2009 ]
رئيس الحزب الوحدوي الناصري: لابد من خوض معركة التغيير




رئيس الحزب الوحدوي  الناصري: لابد للقوى السياسية أن تخوض معركة التغيير     

حوار: لمياء الجيلى    
 
صحيفة الأخبار
4 يوليو 2009


الدكتور جمال إدريس طبيب صيدلاني ورئيس الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري  ومن المنادين بتحالف عريض ونوعي لقوى اليسار للقيام بمهامه التاريخية في التغيير ومعالجة كثير من الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن سياسات الاقتصاد الحر وتداعيات ذلك على العدالة الاجتماعية وعلى القيم والأخلاق. في هذه المساحة كان لنا الحوار التالي معه دار فيه الحديث حول الأزمة السياسية الحالية وكيفية الخروج منها, وحول التحول الديمقراطي ودور المعارضة في الانتخابات القادمة, وشكل التحالفات وإمكانية التغيير, ودور المعارضة في مراقبة كل المراحل الانتخابية. وتطرق الحوار كذلك إلى قضية دارفور وإمكانية الحل الوطني، وإلى تقرير مصير جنوب السودان ومآلات ذلك على وحدة الوطن ومستقبله فإلى الحوار:

* كيف تقرأ الأزمة السياسية الحالية وتداعياتها على مستقبل البلاد؟

الأزمة الوطنية الحالية أزمة شاملة لها جوانب وأبعاد متعددة، ولديها جانب سياسي، اقتصادي، أمني، اجتماعي وثقافي. في الجانب السياسي هنالك احتقان في الوضع منذ  عشرين عاماً، تسعى القوى السياسية إلى أن يحدث تغيير لواقع سياسي أفضل تديره سلطة منتخبة ديمقراطياً.
الجانب الاقتصادي يظهر في السياسات الاقتصادية التي تسببت في تغيير ملامح  الشعب السوداني، توقفت بعض المشاريع الحيوية ، تردت الخدمة المدنية ، البؤس والتعاسة التي يعيش فيها غالبية الشعب، هنالك أزمة حقيقية في ميزانية الدولة, حيث إنه في الربع الأول لم تغط الميزانية نفقاتها، هنالك شح في النقد الأجنبي، انهيار في النظام المصرفي، التعسر في الديون. وكذلك الأزمة في جانبها الأمني إذ لا يخفي على أحد أن الأمن أصبح متفلتاً في كل بقاع السودان نتيجة للحروب، والتفلتات الأمنية والصراعات وغياب هيبة الدولة عن كثير من المناطق وبالتالي غياب الأمن. أما الجانب الاجتماعي فهنالك أزمة أخلاقية نتيجة لانهيار القيم وغياب أو تحلل كثير من القيم التي كانت ضابطاً للسلوك العام سواء كان ذلك سلوكاً سياسياً أو سلوكاً عادياً. أزمتنا الوطنية في الأساس أزمة أخلاقية, فالأخلاق والسلوك محكوم بقواعد وقيم فإذا انهارت هذه القواعد انهارت القيم التي تحكمنا. في اعتقادي أن أزمتنا في الأساس أزمة أخلاقية مثلاً قيمة الصدق أصبحت نادرة على مستوى الدولة والحكم. الحاكمون يتعاملون مع الدولة على أساس  أنها فيء أو غنيمة ولا يتعاملون معها كخدمة وأداء لمصلحة الناس، وذلك يتبدى في البازار السياسي بهلوانات سياسية بعضهم يتعاطى السياسة ليس بدوافع وطنية وإنما بدوافع ذاتية وبهدف الاسترزاق. هنالك سعى حثيث لتزييف الأشياء مثلاً قضية التعداد السكاني إذ لا يفترض أن يكون هنالك أي نوع من الصراع والخلاف فيها ولكن الجانب السياسي والأخلاقي وانعدام الثقة والمصداقية له تأثيراته. هنالك توقع لأي شيء من الطرف الآخر. وكل هذا نتاج طبيعي لسلوكيات كثيرة في المجتمع نتغاضى عنها كانعدام المصداقية والتي أصبح المجتمع يتعايش معها ككسر القيم واغتيالها عمداً، كذلك الفساد يتم التعايش معه، فالأزمة الوطنية الشاملة أزمة تطور اجتماعي. الإنقاذ عمقت هذه الأزمة وأحدثت فيها الأبعاد التي ذكرتها بسياساتها وسلوكها  وكل ما اتخذته من سلوكيات تجاه المواطن على مستوى  الخدمة الوطنية, حيث تمت ممارسة الفصل والتشريد  والتعذيب. هذا الواقع عمق الأزمة الأخلاقية بمعنى أن الخلل أصبح في الجوهر وليس في العرض، فمن السهل إصلاح الأشياء المادية ولكن من الصعب إصلاح ما انهار من جوانب أخلاقية ومعنوية، في رأينا المؤتمر الوطني جزء من الأزمة وكذلك المعارضة ساهمت في الكثير مما أثر على الأخلاق والقيم, فالسلوك لدى المعارضة غير جيد كالانسلاخ والانشقاقات.

* ما هي رؤيتكم لحل هذه الأزمة؟

الحل أولاً يجب أن يشمل كل الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية, منها حدوث تحول ديمقراطي بتغيير السلطة ديمقراطياً عبر انتخابات حرة ونزيهة تمكن كل قطاعات الشعب السوداني من المشاركة في وضع السياسات وإيجاد الحلول لمشاكل بكامل حريتها وإرادتها عبر توفير حريات كاملة للجميع، ثانياً تمثل الانتخابات فرصة لإمكانية إحداث تحول ديمقراطي.

* هل تتوقع أن يتوفر المناخ المناسب لإجراء الانتخابات؟

لا أتوقع أن تتوفر الشروط والمناخ الحقيقي والمناسب لقيام انتخابات حرة ونزيهة، ولكن هذا لا يعني بكل حال عدم خوضها, إذا كنا نسعى للتغيير فلابد للقوى السياسية الساعية للتغيير أن تخوض معركة التغيير, والانتخابات جزء من معركة التغيير.

* هل تتوقعون قيام تحالفات قوية بين قوى المعارضة؟

نعتقد لإحداث تغيير لا بد من تحالف كل قوى المعارضة توحدها في تحالف واحد والاتفاق على برنامج حد أدنى يشمل ترتيبات دستورية متفق عليها بما فيها اتفاقية السلام ودولة القانون والمساواة. هنالك برنامج حد أدنى اتفقت حوله كل قوى المعارضة يحتاج لمزيد من الجدية ومزيد من السرعة المطلوبة.

* هنالك من يرى أن المعارضة تتحالف فقط لإسقاط المؤتمر الوطني؟

من حق المعارضة والقوى السياسية المختلفة التحالف والاتفاق لإزاحة الوطني من السلطة، وإذا كانت الأحزاب السياسية جادة لاتفقت على إزاحة المؤتمر الوطني من السلطة، تكفي عشرون عاماً, صوت واحد وصورة واحدة يكفي هذا الفشل.

 * هل من السهل ذلك؟

ليس من السهل, ولكن ليس بالمستحيل إذا تجردت قوى المعارضة وجدّت في تنفيذ الاتفاقيات- وإذا ارتقت بمسؤوليتها وسلوكها في التعامل مع بعضها البعض واحترمت الاتفاقات فيما بينها، هذا هو المطلوب في برنامج حد أدنى لإزاحة المؤتمر الوطني. التحالف أعلاه يعيد الثقة للشعب السوداني بأن هنالك بديلاً، وهذا من أوجب أولويات المعارضة.

* إذا فشل هذا التحالف العريض الذي ذكرته فما هي الخيارات الأخرى؟

إذا فشلت المعارضة في تكوين هذا التحالف العريض ستتم تحالفات نوعية، كالتحالف على مستوى السياسات الاقتصادية والاجتماعية، كاليسار الاجتماعي والاشتراكي الديمقراطي وهذا احتمال وارد. وهنالك قوى كثيرة يمكن أن  تشترك في التحالف وهذا له إيجابياته. هنالك ضرورة لقيام هذا التحالف النوعي إذا قامت الانتخابات أم لا. فاليسار له دور وقضايا يفترض أن يوصل خطابه فيها للمواطنين بشكل أعلى وأعمق يشكل بديلاً حقيقياً لواقع راهن.

* تتحدثون عن التحالفات في الوقت الذي تعاني فيه الأحزاب من تمزق وتشتت؟

ما يحدث من تحالفات وانشقاقات نتاج لما يحكم سلوكنا في العمل الجماعي والمؤسسي من تصرفات إذ ما زالت تحكمنا البداوة, أما الانشقاقات فهي فعلاً تحدٍ بل التحدي الذي يواجهنا بل يواجه قطاعات أخرى, فالعمل المؤسسي في السودان يعاني من مشكلة وأحزاب الديمقراطية والمؤسسية أيضاً لديها مشكلات حداثة، فنحن لم نصل إلى مصاف الدولة العصرية والمدنية، ما زلنا مجتمعاً انتقالياً وهذا له صعوباته مع الأشياء الحديثة. في تقديري التحالف النوعي يمكن أن يعطينا واقعاً مختلفاً تماماً. فالعمل السياسي يحتاج إلى عقلنة, والعقل له سمتان أساسيتان هما المنطق والخيال. كان يمكن تقبل مسألة التحالفات, ولكن عدم وجود القدرة على التخيل وقصورها على ما هي عليه من واقع سياسى (التحالفات من غير تعقيدات ولولوة) لم يمكّن من وجود تحالفات, فعقلية المساومة عقلية بدوية, كل عملنا السياسي الخيال سمة أساسية فيه، سواء في تحالف أو غيره إذ لا بد أن يكون هنالك خيال وكذلك المنطق, فهو صفة العقلنة.

* هل الانقسامات بالأحزاب في مصلحتها أم في ضررها؟

تجربة الخمسين عاماً الماضية إذا لم نستفد منها وأصبحنا نكرر أنفسنا فلن نتقدم, ونستحق أن نتأمل في التغيير لواقع أفضل لأن أي إنسان لا بد أن يستفيد من تجربته ويصحح بها مساره مستقبلاً وهذه من أبجديات ما يختص به الوعي الإنساني، إذ لا يمكن أن نجعل التاريخ يكرر نفسه, فهل الانقسامات في مصلحة الأحزاب أو في ضررها، في ضررها بالتأكيد , ولابد  من أن نعيد ونكرر ونصبر على ترسيخ قيم العقلانية والصدق واحترام المؤسسية والعمل الجماعي واحترام الرأي والرأي الآخر واحترام وتقدير الإنسان أياً كان. هذه قضايا معنوية مهمة لإنجاح حركتنا السياسية أو ما نصبو له من أهداف سياسية. فالإنسان أصلاً جدلي مع الواقع لا يستسلم له ويحاول تغييره. والإنسان هو الجدلي الوحيد وهذا هو القانون الذي يحكم تطورات المجتمعات الإنسانية (جدل الإنسان وصراعه مع الظروف وتغيير الواقع وجعل المستقبل أفضل من الماضي).

* الانتخابات القادمة قد لا تجد التفاعل أو الإقبال المطلوب من الجماهير فما هي خطط المعارضة لتحريكها؟

عامل الـ20 عاماً له أثره على تفاعل الجماهير،  فالجيل الموجود حالياً غالبيته لم يشارك أو  يشهد انتخابات, وبالتالي قد لا يكون هنالك تفاعل أو وعي كافٍ بأهمية الانتخابات. كذلك الإفقار والإحباط وعدم وجود البديل ساهم في ذلك, لذا فواحدة من مهام المعارضة إعادة الثقة للشعب السوداني في إمكانية التغيير. فالتزييف الذي يتم في الإعلام ومحاولة التغبيش التي يمارسها المؤتمر الوطني لها انعكاساتها ولكن المؤتمر الوطني مهما حاول أن يلوي عنق الحقيقة وتزييف الواقع بخلق نوع من الوعي الزائف من خلال تصور أن الأمور على ما يرام فلن يفيده, فالجماهير تعيش الواقع بتفاصيله ومعاناته, لذا المطلوب منا أن نخاطب القضايا الحياتية للناس والمشاكل الحقيقية للمواطنين كالتعليم، العلاج وأسعار المياه وهذه من أبسط الأشياء ومن أهم الضروريات الحياتية، فالسلطة لا مانع لديها من صرف الأموال في أشياء انصرافية وتعجز عن حل مشكلة المياه.



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by