# # # #
   
 
 
[ 15.04.2009 ]
اوراق متناثرة : تراجر آيلاند بالجد! - غادة عبد العزيز




كتاب (جزيرة الكنز) كان من أروع الكتب التي قرأناها في صغرنا. الولد الصغير (جيم) الذي يلتقي بالقرصان (بيلي) ويتحصل منه على خريطة جزيرة الكنز قبيل موته، ثم يخرج بعد ذلك جيم في مغامرة عرضها البحار الشاسعة في محاولة للتوصل إلى مكان الكنز. وتحول الكتاب وقصته إلى مسلسل يحمل إسمه وكانت الحلقات المصورة ممتعة بذات قدر الكلمات المكتوبة. لا زالت في ذاكرتي بضعة لقطات هنا وهناك عن كيف كان جيم يخاف في البداية من (بيلي) القرصان الذي يطارده في يوم ليطلب منه خدمة وهي البحث عن الرجل ذو الساق الخشبية. وتنتاب جيم الكوابيس ويحلم بأنه التقى الرجل ذو الساق الخشبية وأنه أطلق عليه كلابه الشرسة وظلت تهاجمه وتعضه، ولكن يكتشف جيم بعد ذلك أن الرجل ذا الساق الخشبية هو في الحقيقة رجل طيب ذو ابتسامة حنون وصاحب قصص جميلة.
 
كانت فكرتي أيضا عن القراصنة أنها من ضمن الأحداث التاريخية في العالم وأنها قد انقرضت تماما مثل المخلوقات الديناصورية العملاقة. كنت أيضا أتصور القرصان بهيئة معينة، رجل فقد إحدى العينين في المعارك الكثيرة التي يخوضها ورجله (مسلوخة)، لا تسألوني كيف فقد كانت تخيلات وأضغاث طفولية. بيد أن التخيلات والتصورات يبدو أنها باتت حقيقة، فقد بدأت عمليات القرصنة بالقرب من الصومال مع بدايات الحرب الأهلية الصومالية في خلال التسعينيات من القرن الماضي. كانت العمليات صغيرة، مركب صيد هنا وناقلة بضائع هناك. لكن العمليات قد بدأت تنتشر بقوة وعنف في خلال الأعوام القليلة الماضية وبدأت تشكل هاجسا للمجتمع الدولي.

لقد حذرت المنظمة البحرية الدولية، وهي منظمة تهدف إلى تحسين الأمن في البحار وتأسست عام 1948، من عمليات القرصنة المتزايدة. كذلك انتبه برنامج الأغذية العالمي لعمليات القرصنة وأدرك خطرها من وقت بعيد، فحوالي 90% من حمولات البرنامج وأطعمته يتم نقلها لفقراء العالم ومحتاجيه عبر البحار. أما وزير الخارجية الكيني، فقد أعلن أنه وحتى نوفمبر 2008، سطا القراصنة الصوماليون على العشرات من السفن وكسبوا أكثر من 150 مليون دولار.

وفي الثامن من أبريل 2009، قام قراصنة صوماليون بالاستيلاء على سفينة يرتفع فوقها العلم الأمريكي وبداخلها جميع أفراد الطاقم العشرون. وبعد معركة قصيرة استرجع الطاقم السفينة لكن القراصنة كانوا قد قبضوا على (ريتشارد قيلبس)، كابتن السفينة، وبدأت المباحثات في محاولة للتحصل على فدية، لكن أحد قناصة البحرية الأمريكية أطلق ثلاثة رصاصات من سلاحه وأردى ثلاثة من القراصنة صرعى بينما استسلم القرصان الرابع.

لقد أحبط هذا القرصان الرابع كل ما كنت أتصوره في طفولتي عن القراصنة كبار الحجم (مقدودي) العين ومقطوعي الرجل. فالقرصان اتضح أنه طفل في السادسة عشر من عمره وبدلا من أن يرتدي الزى المدرسي ويحمل شنطة كتبه، حمل سلاحه وأتجه إلى البحر وجرائم القرصنة. وبينما انتهت فصول مسرحية تحرير الكابتن بدأت فصول مسلسل، ماذا سيفعل العالم لإنهاء القرصنة. ففي 17 ديسمبر 2008، أجازت الأمم المتحدة قرارا يضيق الخناق على القراصنة ويعتبر المكان الذي يحتمون فيه أرضا دولية وذلك لمساعدة المطاردة والقبض عليهم، ولكن في ذات اليوم قام القراصنة بالاستيلاء على أربعة مراكب (صيني، تركي، مليسي، ويخت خاص). لقد أعاد الزمان الحياة في قصة جزيرة الكنز، ولكنها للأسف قصة حقيقية وليست خيالية وممتعة.
 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by