# # # #
   
 
 
[ 11.03.2009 ]
بشفافية: مكافحة الفساد بين الواجب والمندوب ـ حيدر المكاشفي




shfafia@hotmail.com

لا أدرى ما الذي حال ويحول دون أن يتحول البرلمان بكامل هيئته وتمام عضويته إلى هيئة دائمة لمحاربة الفساد فهذا واجب من أخص إختصاصاته وواحد من أهم أسباب وجوده بإفتراض أنه هيئة رقابية شعبية تقوم مقام الشعب وتنوب عنه في رعاية مصالحه وحقوقه وأمواله ومكتسباته وحمايتها من عبث العابثين وتلاعب المتلاعبين وفساد المفسدين ،مثلما تفعل كثير من برلمانات الدنيا التي تأخذ (النيابة) بحقها ومستحقها وتقف (ألف أحمر) أمام أبسط مظاهر الترف وأقل دالة قد تشي بوقوع ممارسة فاسدة مهما صغرت لا تأخذها في الحق العام والمال العام لومة لائم، لا أدرى ما الذي قعد بالبرلمان عن أداء هذا الدور الأهم أو بالاحرى ما الذي تسبب في تقاعسه عن أدائه، حتى تضطر مجموعة صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها الخمسين من بين اعضائه الذين يتجاوز عددهم الاربعمائة نائب، لأخذ زمام المبادرة لتشكيل هيئة من داخل البرلمان تُعنى بمحاربة الفساد كما جاء في أخبار الأمس وهو جهد ومسعى لاشك يجد التقدير والثناء وتُشكر عليه المجموعة المبادرة التي فضلت أن «تكح» بدلاً من «صمة الخشم» التي لازمت البرلمان طويلاً إزاء هذه القضية المهمة، ورغم أن هذه الخطوة المباركة من هذه المجموعة البرلمانية الصغيرة تثير الاعجاب بما أقدموا عليه، إلا أنها وبالنتيجة أيضاً تثير عاصفة من الغبار و«الكتاحة» وسيلاً من الاسئلة في وجوه النواب الآخرين الاكثر عدداً بما يساوي اكثر من ثمانية اضعاف هذه المجموعة الصغيرة عدداً والكبيرة هدفاً، ماهو موقف هذه النسبة الكاسحة من النواب من مساعي محاربة الفساد، وهل هذه المهمة الوطنية الكبيرة فرض عين على البرلمان مجتمعاً ام أنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الآخرين، وهل محاربة الفساد مهمة برلمانية يقوم بها بعض اعضائه على الطوع والاختيار ام أنها واجب من أخص واجبات البرلمان كهيئة رقابية وتشريعية لا يجب التفريط فيها، أم أن هؤلاء مازالوا على العهد والقول القديم الذي ذهب إلى أن البرلمان ليس معنياً إلا بالنظر في قضايا الفساد الواضحة الثابتة ذات الادلة والبينات القوية وأنه لن يعطي أذنه ولن يمنح بصره لما سوى ذلك من أقاويل وترهات ليس عليها دليل واضح وقوى الدلالة، فهذا قول غير أنه غريب على ماهو معهود ومشهود في أعمال البرلمانات لجهة أنه يجعل من البرلمان مجرد (نيابة قانونية) ويجرّده من (نيابته الشعبية)، فإنه كذلك يسلبه حقه الأصيل في المتابعة والمراقبة والرصد والاستدعاء والفحص والاستجواب عن أى مظهر عام تُشتم فيه رائحة فساد أو يلوح منه شبح فساد، وإلا فما حاجة الناس للبرلمان في ذلك إذا كانوا يملكون هذه الادلة، وأيهم الأفضل والانجع لهم في هذه الحالة، أن يذهبوا بها إلى قاعة المحكمة أم إلى قبة البرلمان، مالكم كيف تحكمون، بل والاعجب في ذلك أنه حتى النيابات وأقسام الشرطة تستقبل البلاغات أولاً ثم تتحرى فيها لتحدد على ضوء ذلك ما إذا كانت هناك قضية تستحق أن يمضوا فيها أم أن الامر لا يستحق فيشطب البلاغ .....

لقد ظل الحديث عن لجم الفساد ومكافحته واجتثاثه يراوح مكانه كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، ففي كل الاحوال لم يتعدَ عتبة الحديث إلى الفعل، ولطالما سمعنا عن إتجاه لتكوين مفوضية للنزاهة والشفافية تعنى أول ما تُعنى بمكافحة الفساد ولم تقم هذه المفوضية حتى الآن، ومضى زمن طويل منذ أن علمنا بنية وزارة العدل لاصدار قانون جديد لمكافحة الفساد بعد أن تواتر الحديث عن ضرورة مكافحته في كل المنابر والفعاليات الدولية التي إنعقدت لمكافحة هذه الآفة بحضور ومشاركة وزارة العدل السودانية دون أن يرى هذا القانون المزمع النور حتى اللحظة، وكثيراً ما طربنا لأحاديث على أعلى مستوى تتعهد بالقضاء على الفساد وتتوعد المفسدين بالويل والثبور، فهل نطمع ونطمح الآن في أن لا تكون هذه البادرة البرلمانية المحدودة كصرخة في وادي الصمت بأن تتضافر معها كل الجهود المطلوبة لمكافحة هذا الأخطبوط...

تعلقيات القراء
يوسف بيلاوى - (السعودية ــ الرياض) - 10/3/2009 
استاذنا/ المكاشفى ، تحياتى باختصار شديد لم تترك شى يعلق عليه غير اننا نتمنى ان تكلل مساعى اللجنة التى كونت لمحاربة الفساد بالنجاح والا تكون كسابقاتها ، نسال الله لهم التوفيق؟؟؟

جريدة الصحافة 10 مارس 2009

 



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by