# # # #
   
 
 
[ 02.03.2009 ]
هيومان رايتس ووتش: الرقابة بحق الصحفيين في السودان




24/2/2009

هيومن رايتس ووتش - تقرير

معركة كل يوم - الرقابة والمضايقات بحق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في السودان

II . ملخص

تقمع حكومة السودان نشطاء حقوق الإنسان الذين ينشطون بمجال حقوق الإنسان أو يجاهرون بالتحدث عنها وعن العدل الدولي في السودان. وعلى مدار الشهور القليلة الماضية قام جهاز المخابرات والأمن الوطني باحتجاز وإساءة معاملة ثلاثة من النشطاء البارزين الذين جاهروا بالحديث دعماً لجهود العدل الدولي. واثنان منهما تعرضا للضرب المبرح أثناء الاحتجاز، وتمت مضايقة وتهديد ناشط آخر.

وفي الوقت نفسه، فقد استخدم جهاز الأمن الوطني سلطاته الموسعة الممنوحة إياه بموجب قانون قوات الأمن الوطني لعام 1999 للتحكم فيما تبثه وسائل الإعلام في السودان، وقام بمزاولة رقابة مشددة على الإعلام المطبوع قبل النشر. وبالاقتران مع مضايقة الصحفيين ورؤساء تحرير الصحف، يقيد هذا كثيراً من قدرة الصحفيين على تغطية الموضوعات الحساسة سياسياً، ومنها نشاط المحكمة الجنائية الدولية ونزاع دارفور وحقوق الإنسان.

ولا ينتهك قمع الحكومة السودانية للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الحقوق الإنسانية لمن يُساء إليهم بشكل مباشر فحسب، بل يعرقل كثيراً ايضاً من إتاحة حرية التعبير وإتاحة المعلومات في شتى أرجاء السودان. وهذا القمع خطير بصفة خاصة على ضوء الانتخابات الوطنية المقرر عقدها أواسط عام 2009، وهي أول انتخابات وطنية في السودان منذ أكثر من عشرين عاماً، وعلى ضوء تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية الحالية في الجرائم المُرتكبة في دارفور. والتقييد المشدد على حرية التعبير وقمع للإعلام والمدافعين عن حقوق الإنسان، يُعد عائقاً هائلاً في طريق عقد الانتخابات الحرة والنزيهة. وهيومن رايتس ووتش تعرب عن عميق قلقها إزاء احتمال تعرض الانتخابات والمحكمة الجنائية الدولية لاستغلال الحكومة السودانية لهما كذريعة لتشديد القمع.

وحزب المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية في السودان له باع طويل في محاولة إسكات من ينتقدونه. وفيما تعرضت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ومنها الإذاعة والتلفزيون، للرقابة الحكومية على الدوام، فإن اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي أنهى حرباً أهلية دامت في السودان لمدة 21 عاماً، أدى لزيادة في حرية وسائل الإعلام المطبوعة السودانية. إلا أن الحكومة السودانية في عام 2006 عادت إلى سياستها السابقة قبيل عام 2005 الخاصة بالتدخل في المناقشات العامة في الصحف المطبوعة بشأن موضوعات تراها "حساسة" كما فرضت المزيد من القيود على حرية التعبير ووسائل الإعلام.

وقد تدهور حال هذا القمع كثيراً في فبراير/شباط 2008، حين اتهمت الكثير من الصحف السودانية الحكومة بدعم محاولة فاشلة للانقلاب في تشاد المجاورة. وردت الحكومة السودانية باستئناف الرقابة المباشرة على الصحف باستخدام جملة من الإجراءات. ومن أبرزها بدء وحدة الإعلام في الأمن الوطني في مراجعة محتوى الصحف واستبعاد المقالات الحساسة والانتقادية قبل سماح الجهاز الأمني للصحيفة بالنشر. كما تم استدعاء بعض الصحفيين إلى مقار جهاز الأمن الوطني وتعرضوا للمضايقات. وتم تجميد مجموعة من الصحف.

كما تم التشديد في الراقبة إثر هجوم 10 مايو/أيار 2008 على العاصمة السودانية الخرطوم، من قبل حركة العدالة والمساواة، وهي مجموعة متمردين من دارفور. وبدأ مراقبو الإعلام في جهاز الأمن في تشديد الرقابة على الصحف التي تكتب عن الهجوم وعن الحملة الحكومية إبانه على متمردي دارفور المشتبهين والمؤيدين للمتمردين. وبالمثل قمع جهاز الأمن الوطني الكتابة عن نزاع دارفور، وعن مصادمات مايو/أيار 2008 بين القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان في بلدة آبيي الحدودية المتنازع عليها، وبشأن التشريد القسري في موقع سد مروى شمالي السودان. كما فرض جهاز الأمن الوطني رقابة مشددة على الكتابة عن طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية في يوليو/تموز 2008 لمذكرة توقيف بحق الرئيس البشير بناء على اتهامات بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

وقد انتهت أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أنه ما بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2008 زار مسؤولو جهاز الأمن الوطني صحف يومية معينة لمراجعة النسخ النهائية من الصحيفة الماثلة للطبع، واستبعدوا كلياً أو جزئياً مقالات وتعليقات تراها الحكومة حساسة أو انتقادية. وإذا لم تستبعد الصحيفة المقالات، لا يسمح مراقبو وسائل الإعلام للصحيفة بالطبع. وكنوع من الاحتجاج تركت الصحف في البداية مواضع المقالات المحذوفة بيضاء خالية، لكن لم يعد من المسموح لهم فعل هذا. ويُجبر المحررين الآن على استبدال المقال المحذوف بمقال "مقبول" بديل. وكثيراً ما زار مراقبو الصحف في جهاز الأمن الوطني مكاتب الصحف أقل من ساعة قبل ذهاب الصحيفة للمطبعة، ولدى هذه النقطة لا يمكن لناشري الصحيفة، إذا حذف منها شيئاً، أن ينقذوا عدد اليوم التالي من الصحيفة، مما يؤدي إلى خسائر مالية.

كما ضايقت السلطات السودانية الصحفيين، وفي بعض الأحيان اعتقلت من كتبوا أو نشروا مقالات انتقادية. ومنذ فبراير/شباط 2008 اعتقل جهاز الأمن الوطني واحتجز في مداهمات ليلية ثلاثة صحفيين على الأقل جراء نشر مقالات انتقادية. وتم اعتقال الصحفيين جراء الاحتجاج على القمع الحكومي لحرية التعبير، وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 اعتقلت الشرطة السودانية واحتجزت أكثر من 60 صحفياً بعد أن نظموا احتجاجاً سلمياً على الرقابة أمام مقر البرلمان. بل وقام الأمن الوطني بتجميد وإغلاق بعض الصحف. فمنذ فبراير/شباط 2008 تم تجميد صحف "ذا سيتزن" وأجراس الحرية والميدان ورأي الشعب – ذا سيتزن وأجراس الحرية أكثر من مرة – بعد نشر مقالات رؤيت على أنها حساسة أو تنتقد الحكومة. وتم إغلاق صحيفة الألوان تماماً منذ نشرت مقالاً رأى الأمن الوطني أنه خطر على الأمن القومي في مايو/أيار 2008.

كما أساءت حكومة جنوب السودان إلى الصحفيين وقامت بمضايقتهم. واعتقل مسؤولو حكومة جنوب السودان نهيال بول مرتين، وهو رئيس تحرير صحيفة ذا سيتزن، بعد أن نشر مقالين انتقد فيهما رواتب حكومة جنوب السودان. وقال صحفي آخر لـ هيومن رايتس ووتش إنه في يوليو/تموز 2008 تعرض لمضايقات والضرب من قبل السلطات جراء الكتابة عن قضايا حساسة.

وتعتمد الحكومة السودانية على مواد في القانون تبرر بها هذه الرقابة، ومنها قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2004 الذي يشمل إجراءات منح التصاريح والتسجيل للصحفيين والصحف. وتسيطر الحكومة السودانية على هذه الإجراءات عبر المجلس الوطني للصحافة، الذي تشرف عليه وزارة المعلومات والاتصالات. واستخدام هذه القوانين، ليس لتنظيم الإعلام، بل للرقابة والتضييق على من يكتبون وعلى ما يكتبونه، فإن السودان ينتهك التزاماته بصفته دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحمي حرية الصحافة والتعبير. بل إن الدستور الوطني المؤقت الصادر في عام 2005 يشمل أيضاً أحكاماً تحمي حرية التعبير.

فضلاً عن أنه على الحكومة السودانية أن تراجع بصورة عاجلة بنية المجلس الوطني للصحافة، الذي تهيمن عليه الحكومة عبر إشراف وزارة المعلومات والاتصالات. ويُعد المجلس حالياً أداة تسيطر بها الحكومة على وسائل الإعلام، بما أنه يحظى بحق ترخيص الصحف المحلية والأجنبية وتسجيل الصحفيين. ويجب بدلاً من هذا إعادة هيكلة المجلس ليصبح جهة مستقلة يمكنها حماية الإعلام والصحفيين من التدخل الحكومي غير القانوني، وهذا من شأنه أن يعزز من التنوع في الإعلام والمزيد من إتاحة وسائل الإعلام.

ولم يتخذ المجتمع الدولي أية تحركات للتصدي لانتهاكات حرية التعبير في السودان. والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وغيرهما من الحكومات والهيئات الإقليمية ذات التأثير، عليهم أثناء التحضير لانتخابات عام 2009 فرض الضغوط على الحكومة السودانية كي تضمن تنفيذ بنود الدستور الوطني المؤقت لعام 2005 بالكامل وتعديل قانون الصحافة والمطبوعات وقانون قوات الأمن من أجل حماية حرية الصحافة. وهذه الهيئات والحكومات عليها أن تتحرك أيضاً بقوة ضد أي انتهاكات من الحكومة السودانية في المستقبل لحقوق الإنسان، بما يشمل الاعتقالات والاحتجازات التعسفية والتعذيب لنشطاء حقوق الإنسان الذين يجاهرون بدعم حقوق الإنسان أو العدالة في السودان.

لقراءة هذا التقرير اضغط الرابط:
http://www.hrw.org/ar/reports/2009/02/18

هيومن رايتس ووتش



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by