# # # #
   
 
 
[ 29.04.2008 ]
أحزاب المعارضة تلوح بمقاطعة الإنتخابات


الغموض وحده الآن يكتنف روح حزب الأمة القومي حول مشاركته في الإنتخابات المقبلة. ولم تتضح الرؤية بعد داخل الحزب في المشاركة أو عدمها. وما يدلل على ذلك حديث رئيس الحزب في مؤتمر صحفي أمس حول مشاركتهم في الإنتخابات، حيث رفض الصادق المهدي مبدأ المقاطعة.

وقال إن الأحزاب التى تنادي بالمقاطعة لن تحرز تقدما يذكر في تلك الإنتخابات. وأن التعديلات المطالبة بتعديلها تندرج تحت بند الأشياء الصغيرة (اللمم)، على حد تعبيره. وقال إن حزبه سيخوض الإنتخابات وليست الطبخات، إذا كانت حرة ونزيهة.

فحزب الأمة في الأيام المنصرمة وقّع مع أحزاب المعارضة على مذكرة معنونة إلى رئاسة الجمهورية مطالبة فيها بإدخال تعديلات جوهرية في قانون الإنتخابات، واعتماد نسبة 50% مناصفة للتمثيل النسبي والجغرافي، وإشراك الأحزاب في مجمل العملية الإنتخابية، بما فيها الفرز، وتعديل القانون في إتجاه مشاركة أوسع في مفوضية الدستور، عبر لجنة جديدة للإنتخابات تستوعب فى المعارضة، إلى جانب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.

ووقعت المذكرة بأوراقها الثلاثة في دار الحزب الشيوعي، وشكلت في مجملها رؤية أحزاب المعارضة للعملية الإنتخابية. ووقعت عليها أحزاب (الأمة القومي, الشيوعي, الإتحادي الديمقراطي – مرجعيات , المؤتمر الشعبي, البعث العربي الإشتراكي، والحزب الناصري) إلى جانب عدد من أحزاب المعارضة الأخرى.

ولكن عندما سألت الناطق الرسمي باسم حزب الأمة القومي محمد ساتي، عبر الهاتف أمس، أوضح لى عدم التناقض بين رفع حزبهم مع القوى السياسية للمذكرة، وبين حديث الإمام الصادق المهدي حول الإنتخابات.

وفي الأسبوع المنصرم لوّحت أحزاب المعارضة بمقاطعة الإنتخابات، واللجوء للمحكمة الدستورية حال عدم تعديل قانون الإنتخابات، واستيعاب الملاحظات، والمطالب التي رفعتها إلى رئاسة الجمهورية.

واقترحت المعارضة إعادة التعداد السكاني بعد وقف الحرب بدارفور، وقبل الإستفتاء على الوحدة أو الإنفصال. وأكدت أن التعداد الحالي لا يخدم قسمة السلطة والثروة.

حيث قال ممثلو الأحزاب المعارضة في مؤتمر صحفي في الأيام المنصرمة بدار الحزب الشيوعي، إن المعارضة يمكن أن تلجأ لمقاطعة الإنتخابات حال عدم إنفاذ مطالبها في تعديل قانون الإنتخابات، والمجئ بقانون لايتوافق مع الحريات العامة ويعرقل العمل السياسي.

وراهنت المعارضة على تعديل نسب السلطة والثروة الواردة في إتفاق نيفاشا، وتراجع نسبة الجنوب أو الحركة الى 17% طبقا للتعداد السكاني الذي سيوضح الحجم والوزن الحقيقي لكل طرف.

وهاجمت أحزاب المعارضة مفوضية الدستور. وأكدت مخاطبتها غير مرة للمفوضية بغية التراضي على قانون الإنتخابات. إلا أنها لم تجد أذنا صاغية من المفوضية ودمغت الأحزاب المفوضية بالعجز عن حماية وثائقها من أن تنالها الأيدي بالتعديل والتغيير. ووصفت حديث رئيس المفوضية إدريس حول التوافق على قانون الإنتخابات بنسبة 90% بغير الصحيح.

وبحسب رأي مراقبين فإن الإمام الصادق المهدي ومنذ مرحلة دخوله في حوار مع المؤتمر الوطني، ظل يتحدث بلغة المؤتمر الوطني، ويتنفس بنفسه، استعدادا للمرحلة المقبلة لخوض الإنتخابات، والإستمتاع بقوة السلطة والسلطان.

وعندما سألت القيادي بالمؤتمر الشعبي أبو عبد الرازق أمس عبر الهاتف عن تغيير نبرة زعيم حزب الأمة القومي في هذا الوقت بالذات، ومهاجمته للقوى السياسية الأخرى، ونعته لها بعدم إحراز نتائج تذكر في الإنتخابات المقبلة، قال لي الآن مرّت على إنتخابات 1989، 22 عاما، فلذلك من الصعب جدا لأي مراقب سياسي موضوعي أو لأي سياسي حزبي أن يقدر تقديرا صحيحا لما قد يحصل عليه الحزب الآخر في الإنتخابات المقبلة.

وأن الصادق المهدي يبدو أنه يعيش في ظلال ما حققه الحزب قبل 22 عاما دون النظر للمتغيرات السياسية والإجتماعية التى اكتنفت البلاد طيلة هذه المدة. وأحدثت تحولات تكاد تكون جذرية أفضت إلى أن أغلب الشعب لم يعد متحزبا. ولم تعد الأحزاب السياسية بذات الوضع التاريخي الذى جعلها آنذاك محاور للولاء الوطني يتجمع حولها الشعب.

فالآن أغلب الشعب أصبح مستقلا وزاهدا وأنزوت فيه مساحة كبيرة كانت مشغولة بعالم الأفكار الذى كان مدارا للصراع. وأصبحت الآن هذه المساحات مشغولة بعالم الأشخاص الذي ينحاز إلى الجهة والشخص والقبيلة أو إلى عالم الأشياء الذى يتمحور حول الذات.

وبحسب البيان الذي وزع على جموع الصحفيين في المؤتمر الصحفي للأمة القومي، أنه وبعد إجتماع الهيئة المركزية لحزب الأمة في 21 – 22 من مايو 2007م عكفت أجهزة الحزب على تنفيذ قراراتها. واندفع نشاط الحزب في خمسة مجالات اشتملت على المجال التنظيمي، السياسي، الدبلوماسي، العملي، والتخطيطي.

وبالنسبة للمجال التخطيطي فإنه متعلق بتنفيذ برامج ورش العمل الفكرية، التى صارت نهجا راتبا في التحضير لقرارات الحزب في المجالات المختلفة، لأنها تدخل الفكر في تغذية القرار السياسي، وتوسع المشاركة في الأمر العام، لذلك تعدد الورش التى نظمتها دائرة البحوث والمعلومات حول مختلف المواضيع الحيوية كقضية دارفور، والبترول، والمياه، وغيرها. وسوف يصدر القسم المعني بها كتابا مسجلا لأهم المداولات والتوصيات لأن في ذلك مزيدا من توسيع دائرة الإهتمام الفكري والسياسي في البلاد.

كما أنها تعطي القدوة مما يضمن الوصول للقرار السليم لأن العمل بدون تخطيط محض تخبط.

وفي المرحلة القادمة سوف تسع ورش متعلقة بالتحضير برنامج الحزب الجديد، ولمراجعة الدستور، ومجالات أخرى. وفي الفترة الأخيرة عقدت ثلاث ورش هامة تمثلت في ورشة مشاكل الأحزاب وآفاق المستقبل.
وعقدت هذه الورشة في جامعة الأحفاد في 2/4/ 2008م. وقدمت فيها دراسات وافية جادة وتوصيات أهمها: أن القوى السياسية تواجه مشاكل، بعضها مشاكل مشتركة موضوعية وذاتية. وأن أغلبية المشاكل التى تواجه الأحزاب السياسية تختلف من حزب لآخر وتعميمها خطأ كبير. وينبغي تكوين آلية قومية لدراسة مشاكل الأحزاب باعتبارها لبنات هامة لبناء الديموقراطية وإصدار ورقة بيضاء. أي ورقة معلومات وتحليلات لمشاكل الأحزاب وتوصيات بشأن التغلب عليها. وتكوين آلية قومية لمساعدة الأحزاب السياسية وتقويتها وتمكينها من حل مشاكلها وتحقيقها للمؤسسية والديموقراطية في تكويناتها.

ورغم تلك التوصيات إلا أن القيادي بالشعبي، أبو بكر عبد الرازق، يقول لعّل المسائل التى يتحدث عنها الصادق المهدي في ظل معرفته بالمؤتمر الوطني الذى لا يؤتمن على نزاهة الإنتخابات، لعله يتحدث من وحي صفقة بينه وبين المؤتمر الوطني، لوزارات الحكم، والدوائر الجغرافية، والحكومات الولائية بوسائل الوطني وأساليبه.

ويمضي في القول وبالطبع فإن الصادق المهدي يعلم تماما أنه ومن خلال تجوال حزب المؤتمر الشعبي في الولايات ومؤتمراته، أنه يمتلك قواعد حقيقية، وكبيرة، تؤهله للفوز والإكتساحات في حال قيام إنتخابات حرة ونزيهة.

ويضيف، رأيي كمراقب سياسي أن الصادق المهدي يرى أن المؤتمر الشعبي هو المهدد لقواعده في دارفور، والقضارف. ولذلك هو حريص على هذه الصفقة مع المؤتمر الوطني التى سوّلت له مثل هذا الحديث عن ضعف الأحزاب في الإنتخابات المقبلة. ولأن الأحزاب التاريخية لا تحسب أصلا، فيجب عليه أن يعيد النظر في تقديراته التى قدّرها. ويعي أن الأحزاب المعارضة هى التي تصدق معه التحالفات.

وبعد كل هذه التداخلات والحسابات المعقدة في داخل حزب الأمة القومي نفسه، وبقية الأحزاب الأخرى، بما فيها الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني)، ماذا لو خيمّت الإنتخابات الآن، وهي ليست ببعيدة لنرى من الذي سيفوز بها ومن سيتحالف لتذوق طعم السلطة وهيبة كرسي الحكم؟





Author: بهرام عبد المنعم
Source: الاحداث


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by