# # # #
   
 
 
[ 21.12.2007 ]
الموازنة .. ومحاولة القفز بـالزانة


ابرز تحفظات المعارضيين للموازنة هو استحواذ قطاع الامن والدفاع والشرطة والاجهزة السيادية علي حوالي ربع المنصرفات فى حين نال قطاعى الصحة والتعليم فقط ما يزيد عن (2%) خصص أكثر من (60%) منها للمرتبات.

 المحرر البرلماني
تواجه موازنة 2008م وضعاً سياساً حرجاً ودقيقاً للغاية داخل البرلمان بسبب رفض النواب سياساتها وعلي رأسها زيادة ضريبة القيمة المضافة في وقت شرعت فيه عدد من الكتل البرلمانية في تكوين تكتل برلماني معارض للموازنة والذي لن يسقط الموازنة (بالقاضية) في حالة تصويتهم ضدها، إذا صوت لصالحها كل نواب المؤتمر الوطني، لكنه سيضيف لازمات الموازنة الاقتصادية أزمة أخرى سياسية.
 
خيارات المالية والاخرين
وسارع وكيل وزارة المالية الشيخ المك في تصريحات صحفية لتأكيد عدم تراجع وزارته عن زيادة ضريبة القيمة المضافة والتنمية علي الاستثمار لعدم وجود بدائل أخري (بخلاف خيار زيادة أسعار المحروقات)، وهنا بات المك واثقاً من عدم موافقة النواب علي الخيار الثاني. لكن بعض المراقبين يعتقدون أن الخيارات التي وضعها وكيل المالية اغفلت خيارات أخري وعلي رأسها إلغاء تخفيضات ضرائب الاعمال والعقارات أو الاستفادة من أموال اسعار التركيز لمعالجة الاشكالات التي تواجهها الموازنة.

لكن البعض الاخر يبدي قلقه من من تطورات سياسية رافضة لاتجاهات الموازنة قد تفضي لخلق ازمة سياسية علي خلفية الانتقادات الموجه للميزانية من قبل النواب، ويكفي هنا الاستدلال علي الوضع السياسي (الحرج) الذي تعيشه الميزانية برلمانياً تصريحات ابرز حلفاء المؤتمر الوطني رئيس لجنة النقل بالمجلس ورئيس الكتلة البرلمانية للاتحادي المسجل صديق الهندي الاسبوع الماضي التي ابتدرها بوصفها (بالميزانية الكارثية) وانتقاده الاعداد السنوي للموازنات العامة، واشارته لوجود خلل في الإدارة الاقتصادية وسوءاً في إدارة السيولة في الوحدات والوزارات، مع مطالبته بالابقاء على قانون الاستثمار بشكله الحالي وعدم المساس به أو تعديله، وإلغاء الزيادة التي فرضتها الموازنة الجديدة على القيمة المضافة وعلى الاستثمار باعتبارها ترهق كاهل المواطنين وتضر بالسوق، وما يعزز هذا الاتجاه التوصيات التي اصدرتها لجنة التنسيق والصياغة في اجتماعاتها التي عقدت امس الاول بالبرلمان والذي شهد نقاشات حادة بين عدد من اعضائها حول الموازنة بمطالبتها عدم تعديل قانون الاستثمار أو الاستدانة من النظام المصرفي .. مما يجعل الموازنة فعلياً في مواجهة مطبات سياسية بالبرلمان.

اعفاءات وزياردات
وتتمثل ابرز تحفظات المعارضين للموازنة في زيادتها لضريبة القيمة المضافة من 12% إلي 15% بعد زيادتها 3% بعد اجازة الموازنة السابقة وفرض رسوم اضافية بقيمة 10% علي أجهزة التكييف والثلاجات والتلفزيونات والتلفونات والتي يقع عبائها مباشرة علي المواطن، في الوقت الذي تخفض فيه ضريبة الاعمال من 30% إلي 15% وضريبة ايجار العقارات لـ 10% باعتبار أن تلك التخفيضات مخصوصة لفئات محددة، بالاضافة لتقدير الموازنة لسعر برميل البترول بـ 63 دولار فيما يقترب سعره في الاسواق العالمية من 100 دولار. لكن من الضروري الاشارة لنقطة اتفق فيها المعارضون للموازنة مع عدد من نواب المؤتمر الوطني والمتثملة في (إلغاء الاعفاءات الضريبية الممنوحة لشركات الاستثمار) باعتباره سيفضي لنتائج سلبية تضر بعملية جذب الاستثمار، وإن كان الطرفين مختلفان في أسس منح تلك الاعفاءات.

اختلال الارقام
لكن تبقي ابرز تحفظات المعارضيين للموازنة هو استحواذ قطاع الامن والدفاع والشرطة علي حوالي 22% من اجمالي المنصرفات ـ التي قدرتها الموازنة بـ 22.450 مليون جنية، حيث استحوذ هذا القطاع علي 4840 مليون جنية خصص منها 88% للمرتبات والمزايا الوظيفية الاخرى، وتخصيص حوالي 3% من المنصرفات والمقدرة بـ 638 مليون جنية للاجهزة السيادية (رئاسة الجمهورية ـ مجلس الوزراء ـ الجهاز التشريعي القومي ـ المراجع العام ـ الحكم الاتحادي ـ العدل والمفوصيات) خصص منها 480 مليون جنية كمرتبات ومزايا  ـ أي ما يعادل 75% من جملة اعتمادات هذا القطاع ـ وتتزايد الاعتراضات حينما تتم مقارنة تلك الاعتمادات بقطاع الصحة الذي خصص له ما يعادل 1% من المصروفات العامة بتخصيص 267 مليون جنية منها 170 مليون جنية كمرتبات وأجور ـ أي ما يعادل 63% من اعتمادات القطاع ـ أما التعليم فخصص له 383 مليون جنية خصص منها حوالي 70% والتي تعادل 267 مليون جنيه للمرتبات.

السلطة الانتقالية علي الخط
الازمات السياسية للموازنة لم تنته عند هذا الحد بل زادت عليها السلطة الانتقالية الإقليمية لدرافور التي يرأسها كبير مساعدي رئيس الجمهورية مني اركو مناوي (أزمة جديدة) حينما انتقد الامين العام للسلطة الانتقالية  محمد سليمان آدم في تصريح صحفي، عدم ظهور الموازنة العامة للسلطة ضمن السمات العامة للموازنة بالقطاع السيادي ضمن التقاسم الرأسي بين السلطة الاتحادية والولائية واضاف: "لذلك يجب أن تكون ميزانية السلطة ضمن نصيب المركز باعتبار أن السلطة تنفذ برنامجاً فوق العادة يهدف لإقرار السلام الشامل"، مطالباً بإدراج ميزانية السلطة كاملة ضمن الموازنة العامة باعتبارها تثمل ضروريات إقرار اتفاقية سلام دارفور.

دعوة النواب لرفضها
ويزيد التحالف الوطني السوداني برئاسة عبدالعزيز خالد الازمات السياسية للموازنة ـ والحزب ممثل ضمن كتلة التجمع البرلمانية بعضو واحد هو العميد (م) عصام ميرغني طه ـ  بمطالبته الصريحة للنواب برفض الموازنة ودعوته للقوي السياسية للتوحد حول رفض الموازنة. واعلن في بيان صحفي رفضه للزيادة المقترحة للضريبة القيمة المضافة وتخفيض ضرائب ارباح الاعمال التجارية والعقارية والرسوم الاضافية المقترحة علي الاجهزة والمعدات التي اصبحت ضرورية، كما طالب بالاهتمام بمحاربة الفقر ودعم السلع الاستهلاكية الاستراتيجية والغاء الرسوم والجبايات المتعسفة وتخقيض الموازنات المقترحة للوفود والسفر والضيافة والصرف البذخي علي القطاع السيادي والموازنات المقترحة لأجهزة الامن والدفاع واعتماد تقديرات واقعية لايرادات النفط تتناسب مع الارتفاع العالمي الكبير في أسعار البترول.

علي نهج سابقاتها
اما المكتب السياسي لحزب البعث السوداني ـ ويمثل الحزب ايضاً في الكتلة البرلمانية للتجمع بنائبين هما يحي الحسين ومحمد وداعة ـ فاعتبار موازنة 2008م كسابقتها في تقليدية ايرادتها باعتمادها علي عائدات البترول والضرائب غير المباشرة وفي مصروفتها التي تتجه بشكل أساسي لمجالات الامن والدفاع واجهزة الإدارة العليا وتتجاهل التنمية والخدمات الاساسية، معتبراً زيادة ضريبة القيمة المضافة يقع عبئها علي المواطنين، منتقداً في ذات الوقت تخفيض ضرائب ارباح العمل والعقار التي يستفيد منها المرتبطين بالطبقة الحاكمة، محذراً من مغبة الاعفاءات الضريبية الممنوحة لشركات الاستثمار، داعياً في ذات الوقت لاستثمار الاموال الضخمة الموجودة بحساب التركيز لصالح المواطن والشعب، واعتبر عدم شمول اتفاقية القاهرة في الموازنة (يمثل اصرارا متعمدا لتجاهلها حتي في الجوانب الشكلية) ... ولخص المكتب السياسي للبعث رأيه في الموازنة بقوله: (هذه الموازنة تعمل علي تمكين الطبقة الحاكمة ببيروقراطيتها العسكرية والمدنية المترهلة وفئاتها التجارية الطفيلية علي حساب إفقار غالبية الشعب وهذا التوجه لا يساعد علي تعزيز السلام في الجنوب والمناطق الثلاث وإيقاف الحرب في دارفور ولا علي الاسراع بالتحول الديمقراطي وتحقيق العدالة والتنمية في البلاد بشكل عام).
.... وفى ظل تمسك وزارة المالية بمشروع الموازنة الذي تقدمت به وتزايد الرافضين لتلك الموازنة جزئياً أو كلياً، فإن إجازتها بشكلها الراهن (دونما أي تعديلات عليها) تعتريه تحديات وصعوبات عديدة تحتاج للقفز (بالزانة) لتجاوز العقبات السياسية التي تعترضها تحت قبة البرلمان .. مع ترك كافة الخيارات مواربة دون إغلاق



Source: www.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by